الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أغلب كتب التفسير وعلوم القرآن التي تتحدث عن الأمور اللغوية والبلاغية تفيدك في هذا المجال، وقد قال السيوطي في الإتقان: قوله تعالى: ولا تقتلوا أولادكم من إملاق ـ وفي الإسراء: خشية إملاق ـ لأن الأولى خطاب للفقراء المقلين، أي لا تقتلوهم من فقر بكم، فحسن: نحن نرزقكم ـ ما يزول به إملاقكم، ثم قال وإياهم أي نرزقكم جميعا، والثانية خطاب للأغنياء أي خشية فقر يحصل لكم بسببهم، ولذا حسن: نحن نرزقهم وإياكم. اهـ.
وقال الشنقيطي في أضواء البيان: قوله تعالى: ولا تقتلوا أولادكم من إملاق الآية ـ نهى الله تعالى في هذه الآية الكريمة عن قتل الأولاد من أجل الفقر الواقع بالفعل، ونهى في سورة الإسراء عن قتلهم خشية الفقر المترقب المخوف منه، مع أنه غير واقع في الحال، بقوله: ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق. اهـ.
وأما عن صفتي الحلم والعلم: فقد بشرت الملائكة إبراهيم ـ عليه السلام ـ بغلام حليم، وهو على الراجح إسماعيل عليه السلام، ثم بشرته بغلام عليم هو إسحاق، وقال شيخ الإسلام في الاحتجاج على أن الذبيح هو إسماعيل عليه السلام: ذكر في الذبيح أنه غلام حليم، ولما ذكر البشارة بإسحاق ذكر البشارة بغلام عليم في غير هذا الموضع، والتخصيص لا بد له من حكمة، وهذا مما يقوي اقتران الوصفين، والحلم هو مناسب للصبر الذي هو خلق الذبيح، وإسماعيل وصف بالصبر في قوله تعالى: وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين ـ وهذا أيضا وجه ثالث فإنه قال في الذبيح: يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ـ وقد وصف الله إسماعيل أنه من الصابرين ووصف الله تعالى إسماعيل أيضا بصدق الوعد في قوله تعالى: إنه كان صادق الوعد ـ لأنه وعد أباه من نفسه الصبر على الذبح فوفى به... اهـ.
وأما عذاب أليم، وعذاب عظيم: فقد تكررتا بمكان واحد عدة مرات في القرآن، وكلاهما وصف للعذاب حيث وصفه بالعظمة وبشدة الإيلام وهذا من تنويع الأسلوب القرآني، وقد يختلف الأسلوب حسب من تتناولهم الآيات، كما في أول سورة البقرة، فالكافرون أخبر الله تعالى أن لهم عذابا عظيما، وأما المنافقون فأخبر أن لهم عذابا أليما وهو شديد الوجع، لأن المنافقين أشد كفرا، ولذلك قال تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا {النساء:145}.
وراجع في مسألة اللعان الفتوى رقم: 63362.
والله أعلم.