الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إعانة طالب العلم على مواصلة الطلب من أهم ما ينبغي أن ينفق عليه، ولو أن شخصًا وفقه الله فقام بكفالة طالب علم، فنرجو أن ينال مثل أجره بسبب دلالته، وتجهيزه له وإعانته، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدال على الخير كفاعله. رواه الترمذي، وقال أيضًا: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا. رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: من فطر صائمًا كان له، أو كتب له مثل أجر الصائم. رواه أحمد.
وفي الصحيحين من حديث عبد الرحمن بن زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من جهز غازيًا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيًا في أهله بخير فقد غزا.
وفيهما أيضًا من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الخازن المسلم الأمين الذي ينفذ ما أمر به، فيعطيه كاملاً، موفرًا، طيبة به نفسه، فيدفعه إلى الذي أمر له به، أحد المتصدقين.
ومن هذه الاحاديث وما جاء في معناها: أخذ العلماء - رحمهم الله - قاعدة عامة، وهي: أن كل من أعان شخصًا في طاعة من طاعات الله، كان له مثل أجره، من غير أن ينقص ذلك من أجره شيئًا.
هذا؛ ونؤكد على أهمية اعتناء الامة بإعانة طلاب العلم وكفالتهم؛ لأن المشتغل بدراسة العلم الشرعي قائم عنهم بفرض من أهم الفروض الكفائية ... وقد ذكر ابن عابدين في تنقيح الفتاوى الحامدية: أنه تلزم على المسلمين كفاية طالب العلم إذا خرج للطلب؛ حتى لو امتنعوا عن كفايته يجبرون كما يجبرون في دين الزكاة إذا امتنعوا عن أدائها. انتهى.
ويعزى للقصري المالكي أنه أفتى باستحقاق طلاب العلم على المسلمين كل سنة مبلغًا ماليًا قدره بمائة دينار، وقد ذكر ابن عابدين في رد المحتار: أن من مصارف بيت المال كفاية العلماء، وطلاب العلم المتفرغين للعلم الشرعي.
والله أعلم.