الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المسائل قد بحثت كثيرًا من قبل، سواء من ناحية حجيتها، وصحة الاستدلال بها كدليل إثبات في الجرائم، أم من ناحية مشروعيتها في الفقه الإسلامي، أم من ناحية كونها وسيلة مجرَّمة لدخولها في جملة وسائل تعذيب المتهم.
أما جهاز كشف الكذب: فقد حصل فيه خلاف واضح، والذي يترجح لدينا أن الأصل في استعماله الحرمة؛ لما يؤدى إليه استعماله من إيذاء المتهم الخاضع له ماديًا ومعنويًا، ويستثنى من ذلك حالات خاصة من باب الضرورة، أو الحاجة المنزلة منزلتها؛ وذلك مع مراعاة بعض الضوابط، كالإذن الخاص من ولي الأمر، أو الجهة المسؤولة عن التحقيق، واستدعاء الحالة لاستعماله من حيث خطورتها، ومن حيث وجود قرائن معتبرة شرعًا على ارتكاب هذا المتهم للجريمة مع غياب الأدلة التي تثبت ذلك، وأن يكون المستجوب لائقًا صحيًا، بحيث لا يتضرر باستخدام هذا الجهاز، وأن يكون المستخدم لهذا الجهاز خبيرًا به، ثم بعد ذلك لا بد من اعتبار أن نتائج الكشف عبارة عن قرائن لا دلائل، فلا يجوز أن يبنى عليها وحدها أي حكم قضائي.
وأما استخدام عقار الصراحة: فالحكم فيه أوضح، فإنه يحتوي على مواد مخدرة، كما لا يؤمن حدوث ضرر على المتهم عند حقنه به؛ لذا حرم استعماله في مجال استجواب المتهمين، وبطل الأخذ بالإقرار، والاعتراف الناجم عنه.
ويمكن للسائل أن يرجع إلى الأبحاث المتخصصة التي أعدت في هذا الموضوع، ففيها تفاصيل مهمة، وبيان لحقيقة هذه الطرق وأثرها، ومن هذه الأبحاث بحث: (أحكام استخدام وسائل التحقيق الحديثة) للدكتور عبد الله بن عبد العزيز الفحام، وبحث (المسؤولية الجنائية عـن تعذيب المتهم) للدكتور عماد الفقي، وكلاهما متوفر على الشبكة العنكبوتية.
والله أعلم.