الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعبد مهما تكرر منه الذنب ثلاث مرات أو أربع أو أكثر من ذلك، فإنه متى تاب توبة صادقة نصوحا قبل الله توبته وأقال عثرته، ولا يزال الله يغفر للعبد ما لم يغرغر ما لم تطلع الشمس من مغربها، ودلائل هذا كتابا وسنة أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر، وأما هذا الحديث: فليس معناه أن الله لا يقبل توبة من تاب في المرة الرابعة، ولكن معناه أنه لا يوفقه لتوبة يستدرك بها ما فرط منه، وهذا في الغالب، قال السندي: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُصَرَّحًا أَيْضًا، وَهُوَ مُشْكِلٌ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يُوَفَّقُ لِلتَّوْبَةِ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ كَمَا فِي الْمَرَّاتِ الْأُوَلِ. انتهى.
ولكن إذا تداركه الله برحمته ومن عليه بالتوبة فلا يفيد الحديث أن توبته لا تقبل كما مر، بل إن توبة كل تائب مقبولة؛ كما قال الله: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ {الشورى:25}.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه.
وإذا كان من تكررت ردته تقبل توبته باطنا بالإجماع وظاهرا في قول كثير من العلماء، فأولى من تكرر منه ما دون ذلك من الذنوب، ولمزيد الفائدة انظر الفتوى رقم: 174601.
والله أعلم.