الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكره السائل من حلّ لمشكلة تقصير الشريك في عمله وما ترتب عليه من خسارة ليس حلا مناسبا في شركة العقود كشركة العنان التي في صورة السؤال، لأن أرباح الشركة مما تتقاضونه من الناس إنما هو أجرة على أعمالكم كوحدات إنتاجية على نحو الأجير المشترك، لا على نحو الأجير الخاص كساعات عمل، فالحسم من حصة الشريك المقصر على أساس ساعات العمل أو أيام العمل غير متجه، وأوجه الحلول فيما وقفنا عليه من كلام الفقهاء ما ذكره فقيه الحنابلة ابن قدامة في كتابه المغني احتمالا، وهو ما رجحناه في فتوى سابقة برقم: 162491، قال رحمه الله: ويحتمل أنه متى ترك العمل من غير عذر، أن لا يشارك صاحبه في أجرة ما عمله دونه ـ وبعبارة أقرب: لا يعطى الشريك المقصر في عمله المتفق عليه معه في الشركة من أرباح كل منتج إلا بنسبة مشاركته الفعلية في إنتاجه.
وقد بيّن الموفق وجه ذلك فقال: لأنه إنما شاركه ليعملا جميعاً، فإذا ترك أحدهما العمل فما وفى بما شرط على نفسه فلم يستحق ما جعل له في مقابلته، وإنما احتمل ذلك فيما إذا ترك أحدهما لعذر، لأنه لا يمكن التحرز منه، وهذا هو مقتضى المساواة بين الشركاء في شركات العقود.
قال الرحيباني في المطالب ممزوجا بالغاية: وموجب العقد المطلق في شركة بأنواعها، وفي جعالة وفي إجارة، التساوي في عمل وأجر، إذ لا مرجح لأحدهما يستحق به الفضل على الآخر، ولزائد عمل، حيث لم يتبرع بزيادة عمله طلبه ـ أي شريكه ـ بالزيادة، ليحصل التساوي.
وهذا الحل مشروط بأن يكون التقصير بغير عذر معتبر، كما في النقل، ووراء هذا الحل قول جمهور الفقهاء ألا هو الإبقاء على المناصفة التزاما بإطلاق العقد أو فسخ الشركة وهو حق محفوظ للشركاء ما لم يترتب عليه إضرار بالآخر، وقد نقلنا في الفتوى المشار إليها أعلاه قول الجمهور وأدلتهم، فانظرها للأهمية.
والله أعلم.