الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم قائلًا من أهل العلم بأن الله عز وجل لو اقترب من الكون لأحرقت سبحات نور وجهه ما انتهى إليه بصره، وإنما ثبت فيما رواه مسلم قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط، ويرفعه، ويرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه.
قال الشيخ عبد الله الغنيمان في شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري: فأخبر - صلى الله عليه وسلم- أنه تعالى احتجب عن المخلوقات بحجابه النور، وأنه لو كشف ذلك الحجاب لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره من خلقه. انتهى
وبهذا يتضح أن المانع من الاحتراق هو حجاب النور، وليس البعد، وأن الاحتراق إنما يكون عند كشف الحجاب، ولا علاقة لهذا بالقرب أو البعد.
وعليه، فلا تعارض بين هذا الحديث وحديث النزول.
ثم إن الله عز وجل ليس كمثله شيء، فكما أنه ليس كذاته شيء من الذوات فإنه سبحانه ليس كمثله شيء في صفاته، فنزوله ليس كنزول أحد من خلقه، بل هو نزول يليق بجلاله، ونفوض كيفية ذلك إليه جل وعلا.
وانظر الفتوى رقم: 146963.
والله أعلم.