الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من هذا السؤال أن الدولة تكافئ المتفوقين وأصحاب الدرجات العليا في تخصص الطب بالعمل في العاصمة، بينما ترسل من دونهم إلى المحافظات والمناطق النائية، وتريد التنازل عن حقك في العمل بالعاصمة لغيرك، مقابل عوض مالي, وإذا كان كذلك فأهل العلم مختلفون في حكم التنازل عن مثل تلك الحقوق بعوض، وقد أجاز فقهاء المالكية الاعتياض عن حق الشفعة، كما أجازوا للمرأة أن تهب يومها لضرتها بعوض، وأجاز بعض الحنفية النزول عن الوظائف في مقابل مال، وأجازا معًا - الحنفية والمالكية - إسقاط حق الحضانة بعوض.
وهذه الحقوق ليست مالًا متقومًا فتباع، ولكن يؤخذ المال في مقابل التنازل عنها، أو يسمى في مصطلح الفقهاء: بالإسقاط، أو الفراغ، جاء في الموسوعة الفقهية: يظهر من استعمال الفقهاء لهذين اللفظين "الفراغ والإفراغ" أن المراد بهما التنازل عن حق من مثل وظيفة لها راتب من وقف، ونحوه، أو التنازل عن الخلو من مالكه لغيره بعوض، فهو بيع للمنفعة المذكورة، إلا أنه خص باسم الإفراغ، تمييزًا له عن البيع الذي ينصرف عنه الإطلاق إلى بيع الرقبة، ولعله إنما سمي فراغا لأن مالكه لا يملك رقبة الأرض، بل يملك حق التمسك بالعقار، أو بعض المنفعة، وقد وقع بهذا المعنى في كلام الشيخ عليش.
ووجه التسمية بذلك أن الفراغ الخلاء، والإفراغ الإخلاء، فالمتنازل يفرغ المحل من حقه ليكون الحق لغيره.
وعلى هذا: فإنه لا حرج عليك في تنازلك عن ذلك الحق بعوض.
والله أعلم.