الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال عن الأفضل في مثل حالك يتطلب معرفة مدى قدرتك على تحصيل العلم الشرعي، ومدى استفادتك به، وإفادتك لغيرك بالدعوة إلى الله تعالى، والتعليم بعد التعلم.
ومن جهة أخرى: هل ما تذكرينه من ضعف التحصيل الدراسي سببه الحقيقي ضعف المستوى، أم هو هروب من الكلية وليس لطلب العلم، كما يقول من يعرف طبيعتك، على حد ما ذكرته في السؤال.
والذي يمكن قوله هنا: إن من كانت نابهة في طلب العلم الشرعي، ومتميزة فيه، وعندها القدرة على تعليم غيرها، ودعوتهن، والأخذ بأيديهن إلى طريق الاستقامة، فالأولى بها أن تتفرغ لطلبه وإتقانه، وتعلمه وتعليمه، طالما أن مستواها الدراسي ضعيف حقيقة، ولا تستطيع إتقان دراستها الجامعية، فضلا عن الجمع بينها وبين طلب العلم الشرعي. بخلاف من كانت تستطيع الجمع بينهما، فهو أولى وأفضل وأنفع. وراجعي الفتوى رقم: 58231.
وأما من كان بإمكانها إتقان دراستها بالتركيز والتحصيل، وكان في ذلك رضا والديها ونفع أمتها، فقد يكون التفرغ لذلك أفضل لمن حصَّل القدر الواجب عيناً من العلوم الشرعية. وراجعي الفتوى رقم: 124786. وراجعي في بيان القدر الواجب من العلم، وبيان سعة مفهوم العلم في الإسلام، الفتوى رقم: 123456.
وأما مسألة الخروج لتعلم العلوم الشرعية مع رفض الوالدين، فهذا لا يجوز إلا في تعلم ما لابد من تعلمه من العلم الواجب، وراجعي في ذلك الفتويين: 53685، 225721.
وأما مسألة إجبارك من والديك على البقاء بالكلية، فهذا أمر منوط بالمصلحة، ووجود غرض صحيح من ورائه، ومرتبط بكون الدراسة مما يجوز الاستمرار فيه، وقدرتك عليها، فإذا كان الأمر كذلك، فإنه يلزمك طاعتهما؛ وراجعي في ضابط وجوب طاعة الوالدين الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 37648، 76303، 108354.
والله أعلم.