الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تعمد الحلف بالله كذبا يعتبر من الكبائر؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في إحدى روايات البخاري: الكَبَائِرُ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَاليَمِينُ الغَمُوسُ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، أَوْ قَالَ: وَقَتْلُ النَّفْسِ.
قال العلماء: سمي يمين الغموس؛ لأنه يغمس صاحبه في الإثم أو في النار والعياذ بالله تعالى، وكفارته -عند أكثر أهل العلم- هي التوبة النصوح إلى الله تعالى، وذهب بعضهم إلى أن فيه مع التوبة كفارة يمين. وانظر الفتوى رقم: 193389 وما أحيل عليه فيها.
ولم نفهم قصد السائل الكريم بقوله: "خوفاً على المساس بسمعته، والتقول عليه بما ليس فيه"، فإن كان المقصود به حفظ العرض؛ فإن حفظه من الكليات التي جاءت الشرائع بوجوب حفظها كما قال صاحب المراقي:
دين، فنفس، ثم عقل، نسبُ * مال إلى ضرورة تنتسبُ *
ورتبن، ولتعطفن مساويا* عرضا على المال تكن موافيا *
فحفظها حتم على الإنسانِ * في كل شرعة من الأديانِ
فإذا اضطر الشخص للحلف على الكذب حفاظا على عرضه، أو ماله، جاز له ذلك؛ كما جاء في الموسوعة الفقهية: فَلِلرَّجُل أَنْ يَحْفَظَ دَمَهُ وَمَالَهُ الَّذِي يُؤْخَذُ ظُلْمًا، وَعِرْضَهُ بِلِسَانِهِ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا.
وانظر الفتوى رقم: 100903.
وجاء في الموسوعة الفقهية تحت عنوان: "التَّرْخِيصُ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ لِلضَّرُورَةِ" ولكن الأولى أن يستعمل التورية في يمينه؛ قال البخاري: باب المعاريض مندوحة عن الكذب.
ولذلك فإن كان الحلف على الكذب حفاظا على العرض، فإنه لا إثم فيه إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.