الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت أختك على ما ذكرت من إقامتها علاقة عاطفية مع رجل أجنبي عنها، فإنها بذلك قد أتت أمرا منكرا، وقد أحسنتم بنصحها وتنويع أساليب محاولة إصلاحها، ومن أفضل وسائل الإصلاح الدعاء لها، وخاصة من قبل والديها فدعوة الوالد لولده مستجابة، روى ابن ماجه، وحسنه الألباني، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات يستجاب لهن، لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده.
ووالدك هو ولي أمرها ويجب عليه الحزم معها والأخذ على يدها، روى البخاري ومسلم عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته..... الحديث.
ولا ندري كيف ثبت لديك أنها قد فعلت الفاحشة، فالاتهام بمثل هذا أمر خطير، والأصل في المسلم السلامة، من أجل هذا شدد الشرع في أمر إثبات الزنا واشترط للشهود فيه شروطا ثقيلة سبق بيانها في الفتوى رقم: 49657.
ولمعرفة ما يثبت به الزنا انظر الفتويين رقم: 192643، ورقم: 54129.
وعلى فرض ثبوت زناها، فإن إقامة الحدود ليس لآحاد الناس، وإنما من شأن الحاكم، ولا يجوز الافتيات عليه في ذلك كما أسلفنا القول فيه بالفتوى رقم: 29819.
وإن تابت إلى الله ورجعت لرشدها فاستر عليها، وإن استمرت على ما هي عليه فأخبر وليها، فلا حرج في ذلك لأجل المصلحة، جاء في إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام لابن دقيق العيد قوله: فإن النميمة إذا اقتضى تركها مفسدة تتعلق بالغير، أو فعلها مصلحة يستضر الغير بتركها لم تكن ممنوعة، كما نقول في الغيبة إذا كانت للنصيحة، أو لدفع المفسدة لم تمنع، ولو أن شخصا اطلع من آخر على قول يقتضي إيقاع ضرر بإنسان، فإذا نقل إليه ذلك القول احترز عن ذلك الضرر لوجب ذكره له. اهـ.
والتبرؤ المذكور إن كنت تعني به أن تتبرأ من أفعالها السيئة، فهو جائز، فقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد.
وأما أن تترك تفعل ما تشاء: فلا، فوليها مسؤول عنها ـ كما ذكرنا آنفا ـ ولا بأس بأن تهجر إن غلب على الظن أن يفيدها الهجر، وراجع الفتوى رقم: 29790.
وإذا كان هذا الشاب على ما ذكر من الكفر بالله وسبه رب العالمين، فلا يجوز زواجها منه إلا إذا تاب، فلا تحل المسلمة ـ ولو كانت فاسقة ـ لكافر، قال تعالى: وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ..... الآية {البقرة:221}.
وراجع الفتويين رقم: 71499، ورقم: 118361.
والله أعلم.