الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في الأشياء الحل والطهارة، فلا يحكم على شيء بأنه محرم أو نجس إلا بدليل شرعي، وعلى ذلك فالطعام المشكوك فيه لا مانع من تناوله ما لم يصل ذلك إلى اليقين أو الظن الغالب، لأن القاعدة أن الطعام لا يطرح بالشك. ولكن إذا تركه الشخص تورعا واحتياطا، فهذا أفضل، وأما إذا حصل يقين أو غلبة ظن بأن هذه المنتجات دخل في تصنيعها أجزاء من حيوان محرم، أو مباح ولكن لم يذك ذكاة شرعية، ولم تعالج لتتحول إلى مادة أخرى قبل إضافتها إلى هذه المنتجات، أو حصلت معالجة ولكنها لم تتحول إلى مادة أخرى، فإنها تبقى على أصلها، وهو النجاسة وحرمة الاستعمال، وأما إن كانت مجهولة الحال أو المصدر، فالظاهر أنها مباحة، لعموم البلوى وجهالة الأصل، ولأن أغلب هذه المواد المصنعة تكون قد جرى عليها معالجة حتى تتحول عن أصلها، وإذا تعارض هذا الأصل مع الغالب في بلدٍ أو مكانٍ ما، فإنه يقدم الغالب تجنبا للشبهة، كما هو الحال في البلاد التي يكثر فيها الذبح بطريقة غير شرعية ويستفيض الخبر بذلك استفاضة تكدر صفو الاطمئنان إلى استصحاب حكم الأصل، ففي هذه الحال نرى توخي الحذر طالما وجدت الشبهة، لأن كونها لم تذك ليس احتمالا ضعيفا، وهذا يكفي في وجوب تجنبها، وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 120466، وما أحيل عليه فيها.
ومنها الفتوى رقم: 2437، ففيها بيان كيفية التعامل مع الأواني والسكاكين التي قد يكون فيها بقايا من لحم الخنزير، وحكم منتوجات الأجبان والألبان والعصائر ونحوها مما يتخوف من اشتماله على أشياء من الخنزير، ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 122574.
وأخيرا ننبه على أن يسر الدين لا يعني تعدي حدوده أو الاستهانه بمحارمه، وإنما معناه أن الالتزام بأحكامه لا يخرج عن طاقة العبد ولا يتجاوز قدرته، فالله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها!! وراجع للفائدة الفتويين رقم: 117722، ورقم: 134119.
والله أعلم.