الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالحكم على ما فعله ذلك المصلي بالصواب أو عدمه، ينبني على الراجح من أقوال الفقهاء في حكم قطع المأموم نية الاقتداء وإتمامه الصلاة منفردا, فلو قيل يجوز للمأموم أن ينوي قطع الاقتداء بالإمام ويتم منفردا - كما هو الأصح عند الشافعية - فما فعله ذلك الرجل جائز، وتصح معه الصلاة, وإن قيل لا يجوز، لم يجز ما فعله، وتبطل به الصلاة.
جاء في الموسوعة الفقهية: يَنْقَطِعُ الاِقْتِدَاءُ فِي الصَّلاَةِ مِنْ جَانِبِ الْمَأْمُومِ إِنْ نَوَى مُفَارَقَةَ إِمَامِهِ، وَفِي كَوْنِ الصَّلاَةِ مَعَ الْمُفَارَقَةِ صَحِيحَةً أَوْ بَاطِلَةً خِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، مِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّهَا صَحِيحَةٌ مُطْلَقًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّهَا بَاطِلَةٌ مُطْلَقًا، وَيُفَرِّقُ الْبَعْضُ بَيْنَ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ مَعَ الْعُذْرِ وَبِدُونِهِ، فَهِيَ مَعَ الْعُذْرِ صَحِيحَةٌ، وَبَاطِلَةٌ بِدُونِهِ. اهــ.
وقال ابن قدامة في المغني: وَإِنْ أَحْرَمَ مَأْمُومًا، ثُمَّ نَوَى مُفَارَقَةَ الْإِمَامِ، وَإِتْمَامَهَا مُنْفَرِدًا لِعُذْرٍ، جَازَ ... وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا، تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ مُتَابَعَةَ إمَامِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ، أَشْبَهَ مَا لَوْ تَرَكَهَا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ.
وَالثَّانِيَةُ: تَصِحُّ لِأَنَّهُ لَوْ نَوَى الْمُنْفَرِدُ كَوْنَهُ مَأْمُومًا لَصَحَّ فِي رِوَايَةٍ، فَنِيَّةُ الِانْفِرَادِ أَوْلَى، فَإِنَّ الْمَأْمُومَ قَدْ يَصِيرُ مُنْفَرِدًا بِغَيْرِ نِيَّةٍ، وَهُوَ الْمَسْبُوقُ إذَا سَلَّمَ إمَامُهُ، وَغَيْرُهُ لَا يَصِيرُ مَأْمُومًا بِغَيْرِ نِيَّةٍ بِحَالِ. اهــ.
والقول بالصحة إنما هو فيمن نوى المفارقة ثم أتم, وأما إن أتم الصلاة منفردا قبل أن ينوي المفارقة، فإن صلاته لا تصح.
وبهذا يعلم أنه لم يكن ينبغي لذلك المصلي أن يقطع الاقتداء لغير عذر؛ لأن من فعل هذا لم تصح صلاته عند بعض أهل العلم، وكان الأولى به أن يستمر في صلاته مع الإمام ويسلم معه؛ وانظر الفتوى رقم: 16215، ورقم: 124052 عن كيفية صلاة المغرب مع جماعة تصلي العشاء، والفتوى رقم: 121331عن حكم صلاة المغرب خلف من يصلي العشاء.
والله تعالى أعلم