الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في النظر إلى وجه هذا البالغ المعاق بغير شهوة؛ لما ثبت في الصحيحين، واللفظ للبخاري عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي المَسْجِدِ، حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَسْأَمُ.
وأما كشف وجهك أمامه: فلا يجوز على الراجح من أقوال أهل العلم في وجوب تغطية الوجه والكفين للمرأة أمام الرجال.
وكونه معاقًا لا يسقط وجوب الاحتجاب منه؛ إذ إن غاية إعاقته أن يكون مجنونًا، والمجنون البالغ يجب الاحتجاب منه، قال الشربيني - رحمه الله - في مغني المحتاج: (و) الأصح (أن المراهق) وهو بكسر الهاء: من قارب الحلم، حكمه في نظره للأجنبية (كالبالغ) فيلزم الولي منعه منه، ويلزمها الاحتجاب منه، كالمجنون في ذلك؛ لظهوره على العورات. انتهى.
وفي خصوص قولك: "وعندما رأيته كنت أظن أن عمره بين 10 إلى 13، وهو لا يملك العقل، فكنت أسلم عليه، وأهدي له الحلوى، وبعد فترة رأيت تاريخ ميلاده، واتضح لي أنه من مواليد 1417هـ، أي أن عمره قرابة 17سنة ..." ففيه خطأ ينبغي التنبيه عليه، وهو أن السن التي كنت تعتقدين لهذا الشخص هي سن المراهقة، والمراهق حكمه حكم البالغ في كثير من الأمور، كما قررناه في الفتوى رقم: 105886.
وقد نص الإمام أحمد على الاحتجاب ممن بلغ العشر، فقد جاء في الشرح الكبير لابن قدامة: قيل لأبي عبد الله: متى تغطي المرأة رأسها من الغلام؟ قال: إذا بلغ عشر سنين. انتهى.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: (والمراهق كالبالغ في) حرمة (النظر) فيلزم الولي منعه منه ... لظهوره على العورات (لا) في حرمة (الدخول) على النساء الأجانب بغير استئذان، بل يجوز بدونه (إلا) في دخوله عليهن (في الأوقات الثلاثة) التي يضعن فيها ثيابهن، فلا بد من استئذانه في دخوله فيها عليهن؛ لآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ. (ويمنعه الولي) وجوبًا من النظر إليهن، كما يمنعه وجوبًا من الزنا، وسائر المحرمات، ويلزمهن الاحتجاب منه (كالمجنون). انتهى.
وأما ما مضى من كشف وجهك عنده، أو مصافحته، وأنت كنت تعتقدين صغر سنه، وأنه لم يبلغ الحلم، أو لم يبلغ سن المراهقة، أو كنت تجهلين أن حكم المراهق في ذلك كحكم البالغ: فلا شيء عليك فيه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى وضع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه. وفي لفظ: إن الله تعالى تجاوز لي عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه. وفي لفظ: رفع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه. رواه أحمد، والطبراني، وغيرهما, وصححه الألباني.
والنسيان أخو الجهل, وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: فمتى فعل المكلف محرمًا جاهلًا بتحريمه فلا شيء عليه. انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 48936، 5224.
والله أعلم.