الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلا من القولين روي عن السلف - رحمهم الله تعالى - فقد رواهما الطبري - رحمه الله تعالى - في تفسيره بسنده عنهم، وذكر أن الآية تحتملهما، وأنه لا مرجح لأحدهما، فقد قال بعد ذكر الأسانيد والروايات عنهم: قال أبو جعفر: وقد بيَّنا فيما مضى قبل، أن النافلة الفضل من الشيء يصير إلى الرجل من أيّ شيء كان ذلك، وكلا ولديه إسحاق ويعقوب كان فضلًا من الله تفضل به على إبراهيم، وهبة منه له، وجائز أن يكون عنى به أنه آتاهما إياه جميعًا نافلة منه له، وأن يكون عنى أنه آتاه نافلة يعقوب، ولا برهان يدلّ على أيّ ذلك المراد من الكلام، فلا شيء أولى أن يقال في ذلك مما قال الله، ووهب الله له لإبراهيم إسحاق ويعقوب نافلة. اهـ
وإن كان معناها ولد الولد - أي يعقوب - فتكون كلمة نافلة خاصة بيعقوب. قال ابن الجوزي في تفسيره: قوله تعالى: ووهبنا له يعني: إبراهيم إسحاق ويعقوب نافلة. وفي معنى النافلة قولان:
أحدهما: أنها بمعنى الزيادة، والمراد بها: يعقوب خاصة، فكأنه سأل واحدًا، فأعطي اثنين، وهذا مذهب ابن عباس، وقتادة، وابن زيد، والفراء.
والثاني: أن النافلة بمعنى العطية، والمراد بها: إسحاق، ويعقوب، وهذا مذهب مجاهد، وعطاء. اهـ.
علمًا بأننا لم يتضح لنا المراد بقول السائلة: وإن كان معناها ولد الولد - أي: يعقوب - فلم كان الجمع بين إسحاق، ويعقوب؟
والله أعلم.