الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مدير المكتب الاستشاري المذكور قد دفع لك أجرة الفندق - 33 ألف ريال - بسبب موقعك الوظيفي، وعلاقته بعملك: فهذا من هدايا العمال المحرمة، والتي لا يحل لك قبولها، بل الواجب عليك ردها عليه، ولا إثم عليك في السكن في الفندق ما دمت ستدفع إلى الشخص المذكور ما حجز به؛ لأن هدايا العمال لا تحل لهم، بل تُرد على الذي أهداها لهم، كما قال الإمام النووي في تعليقه حديث ابن اللتبية في مسلم؛ لقول النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ :هدايا العمال غلول. صححه الشيخ الألباني.
ولا أثر لكون العامل المهدى إليه يخاف الله في عمله، بل ذاك واجبه، ومن يخفِ الله حقًّا يقفْ عند حدوده وأحكامه.
وإن كان دفعه لك رغبة في الأجر والثواب، وتوددًا للأصحاب؛ بحكم الصداقة السابقة بينكما، والتهادي العادي بينكما: فهذا من الإهداء المستحب، قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا.
والذي يكشف حقيقة الأمر هو ما ذكره النبيّ صلى الله عليه وسلم لما استعمل ابن اللتبية على الصدقة فأتاه بمال الصدقة فقال: هذا لكم، وهذا لي، أهدي لي، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: "مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ، فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، أَفَلَا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ، أَوْ فِي بَيْتِ أُمِّهِ، حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا؟ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَنَالُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ، بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٌ تَيْعِرُ"، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللهُمَّ، هَلْ بَلَّغْتُ؟» مَرَّتَيْنِ. رواه مسلم. ولمزيد من تلمس الفوارق بين النوعين، واستجلاء الفارق بين القسمين من الهدايا المحرم منها، والمستحب، انظر الفتاوى التالية أرقامها: 121080 ، 5794، 62076، 8043 .
والله أعلم.