الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما ما يتعلق بالإجماع فراجع فيه الفتويين: 130531، 54316.
وأما السؤال الثاني فجوابه: أن تسمية ذلك بمزمور الشيطان صحيح؛ ولذلك أقر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر على هذه التسمية، كما سبق بيانه في الفتوى التي ذكرها السائل برقم: 190775.
وقال النووي في شرح مسلم: إنما سكت النبي صلى الله عليه وسلم عنهن؛ لأنه مباح لهن، وتسجى بثوبه، وحول وجهه إعراضًا عن اللهو، ولئلا يستحيين فيقطعن ما هو مباح لهن، وكان هذا من رأفته صلى الله عليه وسلم، وحلمه، وحسن خلقه. اهـ.
وقال ابن رجب في شرح البخاري: في الحديث ما يدل على تحريمه في غير أيام العيد؛ لأن النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علل بأنها أيام عيد، فدل على أن المقتضي للمنع قائم، لكن عارضه معارض، وهو الفرح والسرور العارض بأيام العيد، وقد أقر أبا بكر على تسمية الدف مزمور الشيطان، وهذا يدل على وجود المقتضي للتحريم لولا وجود المانع. اهـ.
وقال ابن حجر في بيان الحكمة: أنه يوم عيد، أي يوم سرور شرعي، فلا ينكر فيه مثل هذا، كما لا ينكر في الأعراس. اهـ.
وقال ابن باز: هذا الحديث الجليل يستفاد منه أن كراهة الغناء، وإنكاره، وتسميته مزمار الشيطان أمر معروف، مستقر عند الصحابة - رضي الله عنهم - ولهذا أنكر الصديق على عائشة غناء الجاريتين عندها، وسماه مزمار الشيطان، ولم ينكر عليه النبي تلك التسمية، ولم يقل له: إن الغناء والدف لا حرج فيهما، وإنما أمره أن يترك الجاريتين، وعلل ذلك بأنها أيام عيد، فدل ذلك على أنه ينبغي التسامح في مثل هذا للجواري الصغار في أيام العيد؛ لأنها أيام فرح وسرور، ولأن الجاريتين إنما أنشدتا غناء الأنصار الذي تقاولوا به يوم بعاث، فيما يتعلق بالشجاعة والحرب. اهـ.
وراجع في ماهية الغناء الذي رخص فيه النبي صلى الله عليه وسلم الفتوى رقم: 128375.
والله أعلم.