الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يشرح صدرك، وأن يوفقك لهداه، واعلمي أنه لا مخرج من المضايق والأنكاد، والهموم إلا بتقوى الله عز وجل، ومن تقوى الله المبادرة بالتوبة إليه سبحانه، فإن الله عز وجل من أسمائه التواب، وهو سبحانه يحب التائبين، كما قال: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ {البقرة:222}.
والله جل وعلا يفرح بعبده إذا تاب إليه، فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه، من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة، فاضطجع في ظلها، قد أيس من راحلته، فبينا هو كذلك إذا هو بها، قائمة عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح. أخرجه الشيخان، واللفظ لمسلم.
والعبد إذا تاب فإن الله يغفر له ذنبه مهما كان عظيما؛ قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.
بل إن الله بفضله وكرمه يبدل سيئات التائبين حسنات، كما قال سبحانه: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان:70}.
فعليك أن تحسني ظنك بالله، وأن تتضرعي إليه سبحانه بأن يمن عليك بتوبة نصوح، واحذري من اليأس من روح الله أو القنوط من رحمته؛ فإنها من كبائر الإثم، ولتستيقني أنه لا كاشف لما بك إلا الله وحده، فلا جدوى من الشكوى إلى غيره، ونوصيك بالاستعانة بالله تعالى وإظهار الفاقة إليه، إذ لا سبيل لك إلى هداية أو إنابة إلا بمعونته وفضله. واتخذي رفقة صالحة تعينك إن ذكرت، وتذكرك إن غفلت، وأقبلي على كتاب الله تلاوة، واستماعا، وتدبرا، ومراجعة لما حفظتيه منه، فهو نور الصدور، وشفاء القلوب.
وراجعي للفائدة عن وسائل إصلاح القلب وتقوية الإيمان الفتوى رقم: 10800
ونوصيك بالرجوع إلى كتب الرقائق كالجواب الكافي، ومدارج السالكين أو تهذيبه أو غيرها من كتب الرقائق، للاستزادة والفائدة، وقد ذكرنا بعضها في الفتوى رقم:128330 .
وأما ما يتعلق بقولك : " فوقعت في أسر العادة السرية وأفطرت في رمضان بسببها والآن أصوم 60 يوما كفارة " فإن المفتى به عندنا هو مذهب جمهور العلماء من أن الفطر بالإنزال ونحوه - مما سوى الجماع - لا يوجب الكفارة، كما سبق في الفتوى رقم: 10509 . كما أن كثيرا من أهل العلم يرون عدم فساد الصوم لمن تعاطى المفطر جاهلا.
وأما قولك : "علي دين كبير صلاة صيام 7 سنوات وهذا يثقل علي جدا " فإن الصلاة والصيام المتروكين عمدا يجب قضاؤهما عند جماهير العلماء، لكن يرى بعض العلماء - كالإمام ابن تيمية - أنه لا يجب ولا يشرع قضاؤهما. كما سبق في الفتوى رقم:68429 .
وقد رخص بعض العلماء في الأخذ بالقول الأسهل عند الحاجة إذا لم يكن ذلك ديدنا؛ كما بيناه في الفتوى رقم: 203266، فإن كان يثقل عليك القضاء، ويوقعك في حرج، فيمكنك الأخذ بالقول بعدم وجوب القضاء.
والله أعلم.