الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فما دام قد تبين أن الإمام الأول لم يتم صلاته حيث نسي ركعة وقام لقضائها، فإنه يلزم المسبوقَيْن ـ الذي أدرك الركعة الثانية والذي أدرك التشهد الأخير ـ أن يرجعا ويقتديا بالإمام، لأنه قد تبين أن الإمام لم يتم صلاته, ولا يعتدا بما فعلاه بعد سلام الإمام, وقد بينا في الفتويين رقم: 97249، ورقم: 156997، أنه يلزم المسبوق أن يرجع لمتابعة إمامه إن قام لقضاء ما عليه وتبين أن الإمام نقص من صلاته.
وإذا قلنا بأنه تجب عليهما العودة لمتابعة الإمام فإن المسبوقين الآخرين اللذين ائتما بالمسبوق الذي أدرك التشهد قد تبين أنهما اقتديا بمأموم لم تتم صلاة إمامه بعد, ومن المعلوم أنه لا يجوز اتخاذ المأموم إماماً في حال ائتمامه بإمامه وذلك لامتناع أن يكون الشخص تابعاً ومتبوعاً في آنٍ واحدٍ، وذكر الهيتمي في شرح المنهاج أن هذا محل إجماع، فلا يصح اقتداؤهما به, جاء في شرح مختصر خليل للخرشي: وَتَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ اقْتَدَى بِمَنْ بَانَ مَأْمُومًا لِفَقْدِ شَرْطٍ عَدَمِيٍّ وَهُوَ عَدَمُ تَبَعِيَّةِ الْإِمَامِ لِغَيْرِهِ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ، إذْ الْإِمَامَةُ أَنْ يَتْبَعَ مُصَلٍّ آخَرَ فِي جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ غَيْرَ تَابِعٍ غَيْرَهُ، فَتَبَعِيَّةُ الْإِمَامِ غَيْرَهُ مُبْطِلَةٌ لِصَلَاةِ مَأْمُومِهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ مَسْبُوقًا قَامَ يَقْضِي، أَوْ يَقْتَدِي مُصَلٍّ بِمَنْ يَعْتَقِدُ إمَامَتَهُ وَهُوَ مَأْمُومٌ. اهــ.
وحتى الشافعية الذين يجيزون الاقتداء بالمسبوق ينصون على عدم صحة الاقتداء به إذا تبين أن إمامه سلم عن نقص، جاء في نهاية المحتاج: وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْ الْإِمَامُ تَرْكَ رُكْنٍ مِنْ صَلَاتِهِ وَيَعُودُ لِتَدَارُكِهِ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ، فَإِنْ عَادَ لَمْ تَصِحَّ قُدْوَةُ الْمُقْتَدِي بِالْإِمَامِ الثَّانِي لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ مُقْتَدٍ بِمُقْتَدٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. اهـ.
والله أعلم.