الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، ويوفقك إلى امرأة صالحة تتزوجها، تعف بها نفسك، وتصون بها دينك. والدعاء من أهم ما يحقق به المسلم مبتغاه، والله سبحانه قد وعد بإجابة من دعاه؛ قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}، فالجأ إلى ربك وتضرع إليه. وراجع الفتوى رقم: 119608 ففيها بيان آداب الدعاء. هذا أولا.
ثانيا: الولي شرط لصحة النكاح على الراجح، وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء خلافا لأبي حنيفة؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 110722 ، وقد أوضحنا فيها أنه لا يجوز المصير إلى مذهب أبي حنيفة بقصد تتبع الرخص. وبناء على ما ذكرنا من رجحان اشتراط الولي، فإذا نكحت المرأة بغير إذن وليها، فنكاحها باطل كما نطقت به السنة الصحيحة. وقد ذكرت أنك غير مطمئن إلى القول بجواز النكاح بغير ولي، فكيف تلجأ للعمل بمذهب لا تطمئن إليه!
ثالثا: لا يكفي مجرد إعلام الفتاة وليها بأمر الزواج، بل لا بد من حضوره في مجلس العقد، أو حضور من ينيبه. وانظر الفتوى رقم: 167107. ولا اعتبار لحضور الفتاة في مجلس العقد من عدمه. وأولى من يتولى نكاح البنت أبوها، فلا يجوز أن يتولاه وليها الأبعد مع وجود الأقرب إلا لمعنى صحيح يقتضي ذلك كعضل وليها الأقرب لها، أي رفضه الخطاب لغير مسوغ شرعي. وذهب بعض العلماء إلى أنها عند عضل وليها لها، يزوجها القاضي الشرعي، وهذا أقوى، فتحقق العضل يحتاج إلى نظر، والقاضي أولى بذلك، هذا بالإضافة إلى أن حكمه أقطع للنزاع. ولمعرفة ترتيب الأولياء راجع الفتوى رقم: 129293.
رابعا: الصداق واجب في النكاح؛ لقوله تعالى: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ {النساء:24}، إلا أن ذكر المهر في العقد ليس شرطا لصحة النكاح، فيجوز إخلاء النكاح عن تسميته باتفاق الفقهاء؛ لقوله تعالى: لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً {البقرة:236}.
وأقل المهر قد اختلف فيه الفقهاء، والراجح أنه لا حد لأقله؛ كما هو مبين في الفتوى رقم: 53611. ولا يشترط أن يكون نوعا معينا من المال، ومن الضوابط الفقهية التي ذكرها الفقهاء في هذا المقام هو أن: كل ما صح كونه مبيعا عوضا أو معوضا صح كونه صداقا، وما لا فلا. وقد ذكرناه في الفتوى رقم: 102503.
خامسا: إن منع الإنجاب بالكلية لا يجوز إلا لضرورة، ولا ينبغي منعه مؤقتا لغير حاجة، هذا مع العلم بأن الإنجاب حق للزوجين معا ليس لأي منهما منع الآخر منه بغير رضاه. وراجع الفتاوى أرقام: 131894 - 16524 - 163127. واستخدام الواقي الذكري حكمه حكم العزل، فلا يجوز بغير رضا الزوجة؛ كما أوضحنا في الفتوى رقم: 163127.
وفي الختام نقول لك: إن تيسر لك الزواج من هذه الفتاة من طريق صحيح فالحمد لله، وإن لم يتيسر لك ذلك فابحث عن غيرها، فالنساء غيرها كثير، وقد تجد من الفتيات من ترضى هي وأولياؤها بأقل التكاليف، فلا تزال الأمة بخير. وحتى يتم لك أمر النكاح ننصحك باجتناب مثيرات الشهوة، والعمل على كل ما يعينك على العفاف.
وللأهمية راجع الفتوى رقم: 103381.
والله أعلم.