الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الكلام المذكور قاله الفقيه ابن حجر المكي الشافعي - رحمه الله -، ومعناه أن الوسوسة ناشئة عن الجهل، والتنطع، والغلو، فهي نقص في العقل والعلم.
ومن تم علمه وعقله: فإنه لا يوسوس في عبادته؛ لأنه يسير وفق مقتضى العلم، ويعلم أن دين الله يسر، لا غلو فيه، ولا تنطع، ومن ثم كان العلم من أعظم أدوية الوسوسة، قال الفقيه ابن حجر: وفي رسالة القشيري عن أحمد بن عطاء قال: ضاق صدري ليلة لكثرة ما صببت من الماء، ولم يسكن قلبي، فقلت: يا رب عفوك، فسمعت هاتفًا يقول: العفو في العلم؛ فزال ذلك عني.
وقال - رحمه الله - بعد الكلام المذكور في السؤال: وأقبح المبتدعين الموسوسون، ومن ثم قال مالك - رحمه الله - عن شيخه ربيعة - إمام أهل زمنه -: كان ربيعة أسرع الناس في أمرين: في الاستبراء، والوضوء، حتى لو كان غيره - قلت: ما فعل، وكان ابن هرمز بطيء الاستبراء، والوضوء، ويقول: مبتلى، لا تقتدوا بي. انتهى.
وبه يتبين مراده - رحمه الله - وهو أن الوسوسة ناشئة عن الجهل، مفضية إلى الابتداع في الدين، والتنطع المذموم، وأن من أعظم علاجها العلم.
والله أعلم.