الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الزوجين أن يعاشر كل منهما صاحبه بالمعروف، ومن المعاشرة بالمعروف ألا يترك الزوج زوجته وحيدة لا سيما في أيام العيد، لكن إذا كان معذوراً في تركها لحاجة والديه إليه، فلا حرج عليه، أما إذا أمره أبواه بترك زوجته إضراراً بها، فلا طاعة لهما حينئذ، فإن الطاعة إنما تكون في المعروف، فلا يجوز له طاعتهما في ظلم زوجته وهضم حقوقها، وعلى الزوج أن يجمع بين برّ أبويه وبين إحسان عشرة زوجته، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 66448.
وحقّ الزوج على زوجته عظيم وقد جعل الله له القوامة عليها، ولذلك أوجب على المرأة طاعة زوجها، لكنها ليست طاعة مطلقة تقتضي محو شخصية المرأة، وإنما هي طاعة مقيدة، فهي لا تكون فيما خالف الشرع ولا تكون فيما يضر بالمرأة أو يحملّها فوق طاقتها، كما أنها تختص بأمور النكاح وما يتعلق به، كما نص على ذلك بعض أهل العلم، وراجعي الفتوى رقم: 144069.
وليس نقص محبة المرأة لزوجها من عصيانها له، لكن ينبغي أن تكون العلاقة بين الزوجين علاقة مودة وتلاحم، وهذا يحتاج إلى الصبر وإلى التجاوزعن بعض الأخطاء والتغاضي عن الزلات والهفوات، والنظر إلى الجوانب الطيبة في أخلاق الطرف الآخر، ومراعاة كلٍّ منهما لظروف الآخر، ومن حق الزوج أن يمنع الزوجة من زيارة أهلها أو مكالمتهم إذا خشي أن يفسدوها عليه، أما إذا لم يخش إفسادهما فليس له أن يمنعها من الزيارة أو المكالمة بقدر مناسب، قال المرداوي: لا يملك الزوج منع أبويها من زيارتها على الصحيح من المذهب........ قلت: الصواب في ذلك: إن عرف بقرائن الحال: أنه يحدث بزيارتهما أو أحدهما له ضرر، فله المنع، وإلا فلا.
وأما طلب الزوج من زوجته ألا تحزن أبداً: فهو طلب غير مقبول ولا تؤاخذ إذا لم تف به، فهو طلب ما ليس بالوسع والإمكان، لكن ينبغي على الزوجة بقدر استطاعتها أن تلقى زوجها بوجه طلق وكلام طيب، ففي سنن ابن ماجه عن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيرا له من زوجة صالحة إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله.
فالذي ننصحك به أن تعودي إلى زوجك وتعاشريه بالمعروف، فإن عاشرك بالمعروف فهذا خير، وإلا فليتوسط حكم من أهله وحكم من أهلك ليصلحوا بينكما.
والله أعلم.