الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تركك المشاركة في المسابقة جائز في الأصل، كما أن المشاركة فيها جائزة، ولا يوقع شيء من ذلك في الشرك، ولا سيما إن تركت المشاركة؛ لأنك لا تريد مدح الناس، أو تخاف أن تصاب بعين أو ما أشبه ذلك، ولكن المحظور هو ترك الطاعات المطلوبة في الشرع خوفا من الرياء. فينبغي للمسلم الحرص على الطاعات، وأن يعرض عن وسواس الشيطان، وأن لا يدع طاعة مشروعة بسبب ذلك، وأن يجاهد نفسه على الإخلاص، ويذكرها بفضائل الأعمال الصالحة حتى يعملها بدافع الحصول على تلك الأجور الموعودة. وقد قال الفضيل بن عياض رحمه الله: ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك..
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: أما قوله: إن العمل من أجل الناس شرك, فهو صحيح؛ لأن الأدلة من الكتاب والسنة تدل على وجوب إخلاص العبادة لله وحده, وتحريم الرياء، وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم: الشرك الأصغر، وذكر أنه أخوف ما يخاف على أمته عليه الصلاة والسلام. وأما قوله: إن ترك العمل من أجل الناس رياء. فليس على إطلاقه، بل فيه تفصيل، والمعول في ذلك على النية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» مع العناية بتحري موافقة الشريعة في جميع الأعمال؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد» فإذا وقع للإنسان حالة ترك فيها العمل الذي لا يجب عليه؛ لئلا يظن به ما يضره، فليس هذا الرياء، بل هو من السياسة الشرعية، وهكذا لو ترك بعض النوافل عند بعض الناس خشية أن يمدحوه بما يضره أو يخشى الفتنة به، أما الواجب فليس له أن يتركه إلا لعذر شرعي. اهـ.
وجاء في الآداب الشرعية لابن مفلح: مما يقع للإنسان أنه أراد فعل طاعة، يقوم عنده شيء يحمله على تركها خوف وقوعها على وجه الرياء، والذي ينبغي عدم الالتفات إلى ذلك، وللإنسان أن يفعل ما أمره الله عز وجل به ورغبه فيه، ويستعين بالله تعالى، ويتوكل عليه في وقوع الفعل منه على الوجه الشرعي.
والله أعلم.