الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يتولى أمرك، وأن يكشف ضرك، وأن يزيل همك، واعلمي أن الله سبحانه أرحم بالعبد من نفسه، وكل ما يقضيه الله لعبده المؤمن فهو خير له؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرا له. أخرجه مسلم. والعبد قد تكون له منزلة عظيمة عند الله لا يبلغها إلا بالمصائب التي تنزل بساحته؛ جاء في الحديث: إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة، لم يبلغها بعمله، ابتلاه الله في جسده، أو في ماله، أو في ولده، ثم صبره على ذلك حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله تعالى. أخرجه أبو داود وصححه الألباني. بل إن المصائب قد تكون أمارة على إرادة الله الخير بالعبد، كما في الحديث الذي أخرجه البخاري: من يرد الله به خيرا، يصب منه.
والزعم بأن الله لا يقبل توبتك، واستغفارك، هو من الكذب على الله، والتألي عليه سبحانه، فالله عز وجل أكرم من أن يرد تائبا صادقا، فالله عز وجل من أسمائه التواب، هو يحب التائبين، ويفرح بعبد تاب إليه، والعبد إذا تاب فإن الله يغفر له ذنبه مهما كان عظيما؛ قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}. بل إن الله بفضله وكرمه يبدل سيئات التائبين حسنات، كما قال سبحانه: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان:70} فعليك أن تحسني ظنك بالله، وأن تتضرعي إليه سبحانه أن يمن عليك بتوبة نصوح، والزمي الاستغفار، واضرعي إلى الله سبحانه أن يكشف عنك ضرك، وإن كان لأهلك حق عليك ظلمتهم فيه، فيشرع طلب العفو منهم، وإن كان حقا ماليا وجب مع ذلك رد الحق إليهم، وإذا أبوا أن يعفوا عنك، فيُرجى أن يتحمل الله جل وعلا عنك حقهم إذا صدقت في التوبة والإنابة إليه؛ وقد قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}.
وأما فيما يتعلق بحالك مع زوجك، فقد ذكرت قضايا كثيرة شائكة، لكن نقول:
لا يجوز للزوج أن يعزل عن زوجته دون إذنها؛ لأن لها حقا في الاستمتاع، ولها حق في الإنجاب، وإن أصر الزوج على ذلك، فهذا من الضرر الذي يبيح للزوجة طلب الطلاق. كما بيناه في الفتوى رقم: 136053 .
ومال الزوجة وراتبها حق لها، ولا يجوز للزوج أن يأخذ من مال زوجته شيئا إلا بإذنها - كما في الفتوى رقم: 42518، لكن الزوج له الحق في أن يمنع زوجته من العمل - إن لم تشترط عليه قبل الزواج أن تعمل، وللزوج أن يشترط على زوجته أن تعطيه مالا معلوما مقابل إذنه لها بالعمل؛ وانظري في هذا الفتوى رقم: 175721 .
ومن حق الزوجة على الزوج أن يسكنها في مسكن مستقل بمرافقه، بما يليق بمثلها، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 162339. وهو من النفقة الواجبة التي يعد الإخلال بها مما يبيح للزوجة طلب الطلاق، كما سبق في الفتوى رقم: 37112 .
وأما بقاء الزوجة خارج بيت زوجها دون إذنه، فلا يجوز إلا في حال خوفها على نفسها، أو للاستعانة بمن يدفع عنها الضرر من ولي، أو قاض، كما بيناه في الفتوى رقم: 95195 . ولا يجب عليك طاعة أهلك في البقاء في عصمة زوجك، ما دمت تتضررين بالبقاء معه.
والله أعلم.