الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبرامج المحيمة لا يجوز لك كسر حمايتها والاعتداء عليها، ولا سيما من أجل التكسب بها ما لم تأذن لك الشركات التي تمتلك تلك البرامج، وما ذكرته من كون عملاء الشركات في البلاد العربية قليل لا يبيح الاعتداء على حقهم في برامجهم وقد أفتت المجامع الفقهية باعتبار ذلك الحق وحرمة الاعتداء عليه، وجعلت لأصحابه حقا ماليا فيه، ويلزم المعتدي عليه قيمة ما فوته على مالكه من المنافع وما لحق به من ضرر، وإذا لم تستطع إيصاله للشركة صاحبة البرنامج فتصدق به عنها على الفقراء والمساكين، ولو جهلت مقدار الحق فاجتهد حتى تخرج ما يغلب على ظنك براءة ذمتك به، وباقي مالك حلال لك.
وأما قولك إنك مضطر إلى ذلك: فلا وجه للضرورة فيما ذكرت، فحد الضرورة المبيحة لتناول الحرام هي وصول المكلف إلى حد إذا لم يتناول الحرام هلك أو قارب، أو وصوله إلى درجة من المشقة لا تحتمل إلا بضرر كبير ولا تندفع إلا بتناول الحرام، ولو فرضنا وجود الضرورة لتناول حق الغير، فإن ذلك إنما يسقط إثم الاعتداء ولا يسقط الضمان عن المتلف، جاء في الموسوعة الفقهية: الفعل المشروع حالة الضرورة إذا ترتب عليه إتلاف مال الغير، كمن أكل طعام غيره بدون إذنه مضطرا لدفع الهلاك عن نفسه، فإن ترخيص الشارع وإباحته استهلاك مال الغير بدون إذنه لداعي الضرورة لا يسقط عن الفاعل المسئولية المالية، ولا يعفيه من ثبوت مثل ما أتلفه أو قيمته دينا في ذمته لمالكه، فالأعذار الشرعية لا تنافي عصمة المحل، والإباحة للاضطرار لا تنافي الضمان، ولأن إذن الشارع العام بالتصرف إنما ينفي الإثم والمؤاخذة بالعقاب، ولا يعفي من تحمل تبعة الإتلاف، بخلاف إذن المالك...
والله أعلم.