الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فما دام والدك قد مات قبل أن يشركك أنت وأختك في ماله الموضوع في الحساب المصرفي فإنه ليس لك ولأختك من ذلك المال إلا نصيبك الشرعي في الميراث، ولا يقسم بين أربعة كما ذكرت، بل إشراكه لوالدتك في حياته في ذلك المال أيضا ينظر فيه, فإن كنت تعني بقولك: أشرك فيه والدتي ـ أنه جعلها شريكة له في ذلك المال، فهذا هبة منه لها, فإذا تمت بشروطها فإن والدتكم تأخذ ما وهبه لها زوجها, والباقي يقسم بينكم جميعا أنتم ووالدتكم القسمة الشرعية للميراث، وإذا لم تتم الهبة بشروطها فإنه ليس لوالدتكم شيء منه، ويقسم كل المال بين جميع الورثة القسمة الشرعية في الميراث. ويشترط لصحة تلك الهبة ونفاذها أن يكون الوالد وهبها المال في غير مرض مخوف، وأن تكون قد حازته هي أيضا في غير مرضه المخوف، وأن يكون المال الموهوب لها معلوم القدر, فلا تصح الهبة إذا كان الوالد وهبها المال في مرض مخوف, ولا تصح الهبة إذا كان وهبها المال في صحته، ولكنها لم تتمكن من قبضه حتى مات، ولا تصح الهبة أيضا إذا كان المال الموهوب لها مشاعا غير معلوم المقدار في قول جمهور أهل العلم, ففي كل هذه الحالات تعتبر الهبة غير نافذة، ويقسم المال بين كل الورثة القسمة الشرعية, جاء في الموسوعة الفقهية عن هبة المجهول: يَشْتَرِطُ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَوْهُوبِ ـ وَهُوَ مَحَل عَقْدِ الْهِبَةِ ـ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا وَمُعَيَّنًا، قَال الْحَصْكَفِيُّ: شَرَائِطُ صِحَّةِ الْهِبَةِ فِي الْمَوْهُوبِ: أَنْ يَكُونَ مَقْبُوضًا، غَيْرَ مُشَاعٍ مُمَيَّزًا، غَيْرَ مَشْغُولٍ، فَلاَ تَصِحُّ هِبَةُ لَبَنٍ فِي ضَرْعٍ، وَصُوفٍ عَلَى غَنَمٍ، وَنَخْلٍ فِي أَرْضٍ، وَتَمْرٍ فِي نَخْلٍ, وَقَال الشِّرْبِينِيّ الْخَطِيبُ: كُل مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ تَجُوزُ هِبَتُهُ، وَكُل مَا لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُ لاَ تَجُوزُ هِبَتُهُ، كَمَجْهُولٍ وَمَغْصُوبٍ لِغَيْرِ قَادِرٍ عَلَى انْتِزَاعِهِ وَضَال وَآبِقٍ، أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ: فَقَدْ تَوَسَّعُوا فِيهَا، فَأَجَازُوا هِبَةَ الْمَجْهُول وَالْمُشَاعِ، جَاءَ فِي الْفَوَاكِهِ الدَّوَانِي: أَنَّ شَرْطَ الشَّيْءِ الْمُعْطَى أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَقْبَل النَّقْل فِي الْجُمْلَةِ، فَيَشْمَل الأْشْيَاءَ الْمَجْهُولَةَ. اهـ.
والله أعلم.