الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا حنثت في يمينك لزمتك كفارة يمين، وهل تلزمك كفارة أخرى لقولك: يكون علي مليون يمين إن رجعت في يميني؟ اختلف أهل العلم في انعقاد اليمين بهذه الصيغة، قال ابن قدامة - رحمه الله -: ولو قال: عليّ يمين، ونوى الخبر، فهي كالتي قبلها، وإن نوى القسم، فقال أبو الخطاب: هي يمين، وهو قول أصحاب الرأي، وقال الشافعي: ليس بيمين؛ لأنه لم يأت باسم الله تعالى المعظم، ولا صفته، فلم يكن يمينًا، كما لو قال: حلفت، وهذا أصح ـ إن شاء الله ـ فإن هذه ليست صيغة اليمين والقسم.
فعلى القول بانعقاد اليمين بتلك الصيغة تلزمك كفارة أخرى، قال عليش - رحمه الله -: .. أَوْ حَلَفَ لَا فَعَلْت، أَوْ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، وَحَلَفَ أَنْ لَا يَحْنَثَ، وَحَنِثَ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ: كَفَّارَةٌ لِلْيَمِينِ الْأُولَى، وَكَفَّارَةٌ لِلْيَمِينِ الثَّانِيَةِ.
ويرى المالكية أن الحانث تلزمه كفارات بعدد أيمانه، قال ابن العربي في أحكام القرآن: ولو قال: عليّ يمين، وحنث، لزمته كفارة، ولو قال: عليّ يمينان لزمته كفارتان إذا حنث.
وأما الحنابلة: فيرون وجوب كفارة واحدة مهما تكرر اليمين، ولعل قولهم هو الراجح ـ إن شاء الله ـ قال الرحيباني - رحمه الله -: ومن حنث، ولو في ألف يمين بالله تعالى، ولم يكفر: فكفارة واحدة.
واعلم أنّ الإنجاب حق مشترك للزوجين، لا يجوز لأحدهما أن يمنع الآخر منه، كما بيناه في الفتوى رقم: 31369.
وعليه، فإن كانت زوجتك تريد الإنجاب: فعليك أن تحنث في يمينك، وتكفر كفارة يمين؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِهَا، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ.
ولا يلزمك غيرها على الأصح، كما ذكر ابن قدامة.
والله أعلم.