الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا شك في أن قيامك بخدمة أمك المريضة، هو من أعظم البر وأجل العبادات, فلا تعتبريه أمرا خارجا عن حدود العبادة، بل أنت في عبادة جليلة تؤجرين عليها إن احتسبت إن شاء الله تعالى. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الجنة في لزوم الأم، والقيام بخدمتها؛ ففي سنن النسائي من حديث مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السَّلَمِيِّ أَنَّ جَاهِمَةَ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَدْتُ أَنْ أَغْزُو، وَقَدْ جِئْتُ أَسْتَشِيرُكَ, فَقَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ, قَالَ: فَالْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا. اهــ.
وإذا دخل وقت صلاة الفريضة، فتخيري وقتا مناسبا لا تحتاجك فيه أمك، وصلي فيه ولو في آخر الوقت.
وقد سئل الإمام أحمد عن الرجل يكون في بيته مريض ليس له من يخدمه؟ قال: يؤخر إلى آخر الوقت. اهــ.
وقد لا يتصور أنها ستحتاجك طول الوقت بحيث لا تجدين وقتا تؤدين فيه الصلاة, ولو فرض حدوث هذا، فقد أجاز بعض الفقهاء الجمع بين مشتركتي الوقت عند وجود حرج في عدم الجمع، كما بيناه في الفتوى رقم: 223525 فتجمعين بين الظهر والعصر, أو تجمعين بين المغرب والعشاء في وقت إحداهما.
وإذا أردت أن تصلي نافلة، واحتاجتك أمك، ولم تتمكني من الجمع بين خدمتها والتنفل، فإن خدمتك لأمك أعظم أجرا؛ لأن خدمتها عند حاجتها فرض, والفرض يقدم على النفل. وقد ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء عن محمد ابْنُ المُنْكَدِرِ- رحمه الله تعالى- أنه قال: بَاتَ أَخِي عُمَرُ يُصَلِّي، وَبِتُّ أَغمِزُ قَدَمَ أُمِّي، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لَيْلَتِي بِلَيْلَتِهِ. اهــ.
ونسأل الله أن يشفيها، ويعينك على برها والقيام بحقها؛ وانظري للفائدة الفتوى رقم: 135453.
والله تعالى أعلم.