الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا اجتهد العبد في طاعة ربه تعالى قربه الله إليه وأدناه منه، وحصل له باجتهاده هذا كل خير في الدنيا والآخرة، فحافظي على ما افترض الله، واجتهدي ما استطعت في التقرب بنوافل العبادات، فإن العبد لا يزال يتقرب إلى الله بالنوافل حتى يحبه الله تعالى، فإذا أحبه كان سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى، واعلمي أن من أدمن طرق الباب ولج، فجاهدي نفسك وأديمي الطاعة واجتهدي في الدعاء، وأكثري ذكر الله تعالى قائمة وقاعدة وعلى جنب، وتفكري في الموت وما بعده من الأهوال العظام والأمور الجسام، فإن ذلك من أعظم ما تزول به قساوة القلوب، ولا تستطيلي الطريق ولا تملي العبادة، فإن الله لا يمل حتى يمل العبد، والله يجزي كل ساع بسعيه ولا يظلم أحدا مثقال ذرة، ومن جاهد نفسه في القرب منه قربه الله، كما في الحديث القدسي: ومن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة.
فما على العبد إلا أن يلزم نفسه طاعة الله حفاظا على فرائضه واجتنابا لنواهيه ولزوما لحدوده، ويكثر من النوافل ما استطاع.
وأما التوبة: فبابها مفتوح، وهي من كل أحد مقبولة متى استوفت شروطها، والله تعالى لا يتعاظمه ذنب أن يغفره فلا تقنطي ولا تيأسي، بل أقبلي على ربك وأحسني ظنك به، فإنه تعالى عند ظن العبد به.
والله أعلم.