الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإجهاض خشية الفاقة محرم شرعا؛ وانظري الفتوى رقم: 8781 ، ولا يجوز للزوجة طاعة زوجها في الإجهاض؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لبشر في معصية الله. أخرجه أحمد، وصححه الألباني. وراجعي الفتوى رقم: 200177 .
والرغبة عن الإنجاب خشية الفقر، وعدم تحصيل النفقة، من سوء الظن بالله عز وجل، وقد قال سبحانه: وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ {الأنعام:151}. وقال سبحانه: وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ {الإسراء:31}، وراجعي في هذا الفتوى رقم: 166767 .
وإجابة دعاء العبد قد يكون كرامة من الله لتقواه وصلاحه، وقد يكون استدراجا له، فمجرد إجابة دعاء العبد وإعطائه سُؤْله، ليس دليلا على كرامته ورضا الله عنه؛ فلذا يجمع المؤمن بين الرجاء والخشية. فيرجو أن تكون إجابة الدعاء إكراما من الله له، فيحمد الله ويشكره، ويزداد عبودية له، وفي الوقت نفسه يَفْرَق أن تكون استدراجا، فيلزم التوبة والإنابة، ولا يعجب بنفسه وحاله. وانظري الفتوى رقم: 217456 .
وإجابة دعاء العبد في مسألة ما، لا تقتضي إجابته في جميع ما يدعو به، وعلى العبد أن يحسن ظنه بالله في كل حين، ويرجوه سبحانه أن يجيب دعاءه، وأن يتجافى عن القنوط والاستعجال في الدعاء، وأن يعلم أن استجابة الدعاء لا تعني إعطاء الداعي عين ما سأل، أو أن يجاب في الوقت الذي عينه في دعائه، بل استجابة الدعاء تكون بإحدى ثلاث وردت في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذاً نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد وصححه الحاكم.
قال ابن القيم: ومن ظن به أنه إذا صدقه في الرغبة والرهبة، وتضرع إليه، وسأله، واستعان به، وتوكل عليه، أنه يخيبه، ولا يعطيه ما سأله، فقد ظن به ظن السوء، وظن به خلاف ما هو أهله. اهـ.
وقولك: (وهل ما حدث في الحملين الأخيرين تنبيه وإنذار لزوجي لإصراره على التسقيط من ثاني حمل،) فلا يستطيع أحد أن يجزم في هذا الأمر بشيء.
وأما قولك: (والطفل الثالث أعطانيه الرسول صلى الله عليه وسلم في منامي) فلا ندري ما مرادك به على وجه التحديد، لكن الذي يجب على كل مسلم اعتقاده أن الله عز وجل وحده هو الذي يهب الذرية، كما قال تعالى: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ {الشورى:49}،{الشورى:50}، ولعلك تقصدين أن الرسول صلى الله عليه وسلم بشرك به في منامك.
والله أعلم.