الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعقد الشركة من العقود الجائزة ـ أي: غير اللازمة ـ عند الجمهور، خلافًا للمالكية، جاء في الموسوعة الفقهية في أحكام الشركة: عدم لزوم العقد، وهذا متفق عليه عند غير المالكية.
وعلى رأي الجمهور: فلكل من الشريكين فسخ العقد متى شاء، قال الرملي في نهاية المحتاج: وعقد الشركة جائز من الجانبين، كما قال، ولكل من الشريكين فسخه متى شاء.
وقال ابن قدامة في المغني: والشركة من العقود الجائزة، تبطل بموت أحد الشريكين، وجنونه، والحجر عليه للسفه، وبالفسخ من أحدهما؛ لأنها عقد جائز، فبطلت بذلك كله.
أما المالكية: فعندهم أن عقد الشركة عقد لازم، ويستمر هذا اللزوم إلى أن ينض المال، أو يتم العمل الذي تُقبل، قال الدردير في الشرح الكبير: ولزمت بما يدل عليها عرفًا، كاشتركنا، أي يقوله كل منهما، أو يقوله أحدهما، ويسكت الآخر راضيًا به، أو شاركني، ويرضى الآخر ... فلو أراد أحدهما المفاصلة قبل الخلط، وامتنع الآخر، فالقول للممتنع حتى ينض المال بعد العمل.
وقال الدسوقي: قَوْلُهُ: حتى يَنِضَّ الْمَالُ ـ أَيْ: حتى يَظْهَرَ الْمَالُ بَعْدَ بَيْعِ السِّلَعِ.
وبالتالي: فلصاحبك في قول الجمهور فسخ الشركة، والامتناع عن بقية العمل.
وأما على قول المالكية: فليس له ذلك، بل يلزمه المضي معك في العمل حتى يكتمل.
وعلى كل: فقضايا المنازعات ترفع للقضاء، وقوله يرفع الخلاف، ويقطع النزاع.
والله أعلم.