الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكتابة صريح الطلاق، مختلف في حكمها هل هي كالتلفظ بالصريح؟ أم هي كناية تحتاج إلى النية؟ وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 167795.
والظاهر من السؤال ـ والله أعلم ـ أن الزوج قصد الطلاق بهذه الرسالة، فيكون واقعاً، لكن هل يقع واحدة أو ثلاثاً؟ هذا يتوقف على نيته بتكرار الطلاق بهذه الصيغة، فإن قصد به التأكيد لم يقع إلا واحدة، وإلا وقع ثلاثاً، قال ابن قدامة رحمه الله: وإذا قال لمدخول بها أنت طالق، أنت طالق، لزمه تطليقتان، إلا أن يكون أراد بالثانية إفهامها أن الأولى قد وقعت بها أو التأكيد، لم تطلق إلا واحدة، وإن لم تكن له نية وقع طلقتان، وبه قال أبو حنيفة ومالك، وهو الصحيح من قولي الشافعي. اهـ
وأما شيخ الاسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فإنه يرى وقوع طلقة واحدة بهذه الألفاظ مهما كانت نية الزوج، وانظري الفتوى رقم: 54257.
فإن كان الطلاق وقع واحدة، ولم يكن مكملاً للثلاث، فالرجعة صحيحة ولو كانت بالكتابة مع النية ولو بلا إشهاد، ولا يشترط لصحة الرجعة رضا الزوجة ولا علمها، وراجعي الفتوى رقم: 106067.
وراجعي أيضا الفتوى رقم: 139663، بعنوان: حكم الرجعة بالكتابة وهل يشترط رضا الزوجة أو أهلها.
وأما إن كان الطلاق ثلاثاً، فقد بنت منه بينونة كبرى ولا سبيل له إليك إلا بعقد جديد، والعقد هنا لا يصح إلا إذا تزوجت زوجا غيره ـ زواج رغبة لا زواج تحليل ـ ثم يطلقك الزوج الجديد بعد الدخول أو يموت عنك وتنقضي عدتك منه، وإذا قلنا إن عليك إحدادا لهذه البينونة كما يرى بعض أهل العلم، وقد مضت العدة ولم تحدي، فليس عليك كفارة، قال الإمام الشافعي رحمه الله: وَلَوْ تَرَكَتْ امْرَأَةٌ الْإِحْدَادَ فِي عِدَّتِهَا حَتَّى تَنْقَضِي أَوْ فِي بَعْضِهَا كَانَتْ مُسِيئَةً وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا أَنْ تَسْتَأْنِفَ إحْدَادًا، لِأَنَّ مَوْضِعَ الْإِحْدَادِ فِي الْعِدَّةِ فَإِذَا مَضَتْ أَوْ مَضَى بَعْضُهَا لَمْ تَعُدْ لِمَا مَضَى. اهـ
وتراجع الفتوى رقم: 34833، للفائدة.
والذي ننصحك به أن تعرضي مسألتك على المحكمة الشرعية أو على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بهم.
والله أعلم.