الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك ضمان ما انتفعت به من سكنى هذه الغرفة دون إذن، وذلك بأن تعطي المسؤولين عن السكن أجرة مثل هذه الغرفة، فإن منفعة هذه الغرفة مما يجب ضمانه عند جماهير العلماء، قال العز ابن عبد السلام: وأما المنافع فضربان:
أحدهما: منفعة محرمة، كمنافع الملاهي، والفروج المحرمة، واللمس، والمس، والتقبيل، والضم المحرم، فلا جبر لهذه المنافع احتقارًا لها، كما لا تجبر الأعيان النجسة لحقارتها، فإن استوفى شيئًا منها بغير مطاوعة من ذي المنفعة، فلا يجبر شيء منها، إلا مهر المزني بها كرهًا، أو شبهة، ولا يجبر مثل ذلك في اللواط؛ لأنه لم يتقوم قط فأشبه القبل، والعناق.
الضرب الثاني: أن تكون المنفعة مباحة متقومة، فتجبر في العقود الفاسدة والصحيحة، والفوات تحت الأيدي المبطلة، والتفويت بالانتفاع؛ لأن الشرع قد قومها، ونزلها منزلة الأموال، فلا فرق بين جبرها بالعقود، وجبرها بالتفويت والإتلاف؛ لأن المنافع هي الغرض الأظهر من جميع الأموال، فمن غصب قرية، أو دارًا قيمتها في كل سنة ألف درهم، وبقيت في يده سبعين سنة ينتفع بها منافع تساوي أضعاف قيمتها، ولم تلزمه قيمتها، لكان ذلك بعيدًا من العدل، والإنصاف الذي لم ترد شريعة بمثله، ولا بما يقاربه، وهذا كله في منافع الأعيان المملوكة. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن المنافع تضمن بالإتلاف، والغصب، كما تضمن الأعيان، وقد استدلوا بأدلة منها: أن الشارع أجاز أن تكون مهرًا في النكاح، ولأن المال اسم لما هو مخلوق لإقامة مصالح العباد به، والمنافع يصدق عليها ذلك، ولأن المنفعة مباحة متقومة فتجبر في العقود الصحيحة والفاسدة، وذهب الحنفية إلى أن المنافع لا تضمن لا بالغصب، ولا بالإتلاف، وإنما تضمن بالعقد، أو شبهة العقد، وقد استثنى الحنفية من أصل عدم تضمين المنافع ثلاثة مسائل وهي: مال اليتيم، ومال الوقف، والمعد للاستغلال. اهـ.
وفيها: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن منافع الأموال مضمونة بالتفويت، بأجرة المثل، مدة مقامها في يد الغاصب، أو غيره؛ لأن كل ما ضمن بالإتلاف جاز أن يضمن بمجرد التلف في يده، كالأعيان. اهـ.
وإذا سامحك مسؤول السكن، وكان مخولًا من إدارة الجامعة بذلك، لا مخالفًا للنظام محاباة لك, فقد برئت ذمتك ـ إن شاء الله تعالى ـ.
وأما من دللتهم على ذلك: فلا يجب عليك ضمان ما انتفعوا به؛ لأنهم المباشرون للانتفاع، والضمان يلزم المباشر، جاء في الأشباه والنظائر لابن نجيم: إذا اجتمع المباشر، والمتسبب أضيف الحكم إلى المباشر، فلا ضمان على حافر البئر تعديًا بما أتلف بإلقاء غيره، ولا يضمن من دل سارقًا على مال إنسان فسرقه. اهـ.
وإنما ينبغي عليك تنبيههم إلى خطأ فعلهم، ووجوب التوبة، والضمان عليهم؛ وذلك من باب النصيحة، والأمر بالمعروف.
ولا إثم عليك ـ إن شاء الله ـ إذا لم يضمنوا ما انتفعوا به.
والله أعلم.