الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه العِدَة التي وعدك إياها صاحب المال المسلوب، هي من باب الجعالة، ولا بد فيها من العلم بالجعل، وذكر بعض الفقهاء أن الجهالة في الجُعْل لا تضر إذا كانت لا تمنع التسليم.
قال ابن قدامة في المغني: الجعالة في رد الضالة، والآبق، وغيرهما جائزة، وهذا قول أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، ولا نعلم فيه مخالفًا، والأصل في ذلك قول الله عز وجل: {ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم} [يوسف: 72] ... ولا بد أن يكون العوض معلومًا ... ويحتمل أن تجوز الجعالة مع جهالة العوض، إذا كانت الجهالة لا تمنع التسليم، نحو أن يقول: من رد عبدي الآبق فله نصفه، ومن رد ضالتي فله ثلثها. اهـ.
ولا يخفى أن الاتفاق على نسبة معينة من المال المسترد، وإن كان الجعل لا يصير بها معلومًا؛ إلا إن هذه النسبة المتفق عليها ترفع النزاع، وتصيِّر الجهالة غير مانعة من التسليم، فلا بد من حصول هذا الاتفاق ليصح العقد، فإن لم يحصل، فسدت الجعالة، ووجب عند النزاع جُعل المثل.
قال ابن الحاجب في جامع الأمهات: إِذا تنَازعا فِي قدر الْجعل، تحَالفا، وَوَجَب جعل الْمثل. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: العوض في العقود الفاسدة هو نظير ما يجب في الصحيح عرفًا وعادة، كما يجب في البيع، والإجارة الفاسدة، ثمن المثل، وأجرة المثل، وفي الجعالة الفاسدة، جُعل المثل. اهـ. وراجع للفائدة الفتويين: 150987، 79024.
والحاصل أنه يجوز أن تكون العمولة نسبة من المبلغ الذي يراد تحصيله، كالربع، أو النصف، أو 10% مثلًا، ولا حرج عليك في المطالبة الآن بنفسك، أو عن طريق غيرك.
والله أعلم.