الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا حصل للرجل بزواجه من هذه المرأة الصالحة الفاضلة الإعفاف الشرعي من غض البصر، وتحصين الفرج، فالظاهر كراهة طلاقها؛ لأن الأصل في الطلاق الكراهة على المختار، وإنما يرخص به لحاجة معتبرة.
قال الوزير ابن هبيرة: أجمعوا على أن الطلاق في حال استقامة الزوجين مكروه غير مستحب. إلا أن أبا حنيفة قال: هو حرام مع استقامة الحال. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :الأصل في الطَّلاق الحظر، وإنَّما أُبيح منه قدْر الحاجة. اهـ.
وانظر في تقرير ذلك، وأهمية المحافظة على الزوجة الصالحة بأدلته الفتوى رقم: 93107.
وما ذكره السائل لا يرقى لأن يكون حاجة ترفع الكراهة ما دام الإعفاف الشرعي متحققا؛ لأن الإثارة الجنسية أمر نسبي لا تتعلق به مقاصد النكاح، وتحصيله بطلاقها غير مضمون، والسعادة الزوجية المنشودة تابعة للخلق، والدين، لا للإثارة الجنسية المحضة، وارتباط الإشباع الجنسي بقوة العلاقة الروحية بين الزوجين، أوثق من ارتباطه بالإثارة الغريزية، فكلما شعر الرجل بالراحة النفسية، والسكن مع زوجته، كلما كان الإشباع أكمل وأوفى، وهذا ما لا يفهمه كثير من الشباب، فيقدمون الجمال والإثارة على الخلق والدين، وإنما تقوى علاقة الحب بين الزوجين عندما تقوم على أساس القيم الدينية والمبادئ الأخلاقية، والانسجام الروحي من خلال العشرة بالمعروف، وحسن المعاملة لا الاستثارة، بل قد تنقلب الإثارة إلى عامل هدم للعلاقة عند الفتور، وإلى فتنة للرجل في دينه إذا استحوذت الإثارة على قلبه، وإذا لم تفطم الشهوات بالاعتدال لا تقنع بأمثال الجبال.
قال ابن دريد في المقصورة الرائعة:
والنفس إن أتبعتها هواها فاغرة نحو هواها فاها.
وقال البوصيري:
والنفس كالطفل إن تتركه شب على حب الرضاع، وإن تفطمه ينفطم.
وأما إذا لم يحصل الإعفاف الشرعي بالزوجة، فنوصي الرجل ألا يفرط في المرأة الصالحة الفاضلة، بل نوصيه بالجمع بين المرأتين، والعدل بينهما، وإنما شرع الإسلام التعدد لمثل هذه الدواعي والحِكم، فقد يطلق الرجل الأولى ثم لا يحصل له الإشباع المنشود بغيرها، فلا هو حافظ على الأسرة الأولى ولا هو نال مراده في الثانية، فصار كمن رجع بخفي حنين.
والله أعلم.