الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحصول الفتنة بسبب العلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبيين أمر لا يخفى، وقد ثبت في السنة النبوية التحذير البليغ من هذه الفتنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء. رواه البخاري ومسلم.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: اتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء. رواه مسلم.
ولعظم هذه الفتنة قدمها القرآن على بقية الشهوات، فقال تعالى: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ {آل عمران: 14}.
قال ابن كثير: بدأ بالنساء، لأن الفتنة بهن أشد. اهـ.
وقال أبو حيان: بدأ بالنساء لأنهنّ حبائل الشيطان وأقرب وأكثر امتزاجاً: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم منكنّ. اهـ.
وينبغي أن يكون لهذا البيان أثر فاعل في ضبط علاقة الرجل بالمرأة، فيكون الأصل هو الفصل بين الجنسين، ولا ينتقل عنه إلا في حدود الحاجة، وفي سياج من الضوابط الشرعية كالبعد عن الخضوع بالقول، وتجنب الخلوة والاختلاط المريب والتحلي بالحياء وغض البصر ونحو ذلك الآداب المرعية، وإذا تبين ذلك تبين حكم المنع من جملة ما جاء في السؤال من: اشتراك الرجال مع النساء في إدارة صفحات الفيسبوك، وتبادل الصور وألفاظ المودة، والتهادي بينهم بصور رمزية، والخوض في كلام خاص، والتقارب الذي تزول معه الحواجز!! وينبغي لمن نصح بذلك أن يتقبل النصح ويحمله على وجه الشفقة ومحبة الخير من الناصح، فإن ذلك ليس من التشدد والتنطع، وإنما هو من مراعاة الشريعة لطبيعة ميل كلا الجنسين إلى الآخر بالجبلة، وما يجره ذلك من أسباب الفتن والوقوع في ما حرم الله تعالى، خطوة خطوة وليس دفعة واحدة، وقد سبق لنا بيان ذلك فراجع الفتوى: 181035 للأهمية.
وأما الانضمام لصفحات الأغاني: ففيه مع مضرة سماع الأغاني: مفسدة تشجيعها وتكثير سواد العصاة، وفي ذلك بلاء عظيم وإثم مبين، وراجع الفتوى: 9848.
وراجع للفائدة عما سبق الفتويين التاليتين: 212341، 172829.
وأما كره الأهل الذين يرفضون التوبة عن منكرات الفيسبوك أو غيرها من المنكرات، فراجع فيه الفتويين التاليتين: 24718، 119062.
والله أعلم.