الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فيشرع لك أن تنصح والدك برفق ولين بأن تبين له أن السهر مكروه، وأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكره الحديث بعد العشاء، وقد أخذ منه الفقهاء كراهة السهر ليلا في الأمور التي لا مصلحة فيها من المباحات وأحرى في اللغو، قال النووي في شرح مسلم: وَالْمَكْرُوه مِنْ الْحَدِيث بَعْد الْعِشَاء هُوَ مَا كَانَ فِي الْأُمُور الَّتِي لَا مَصْلَحَة فِيهَا، أَمَّا مَا فِيهِ مَصْلَحَة وَخَيْر، فَلَا كَرَاهَة فِيهِ، وَذَلِكَ كَمُدَارَسَةِ الْعِلْم، وَحِكَايَات الصَّالِحِينَ، وَمُحَادَثَة الضَّيْف وَالْعَرُوس لِلتَّأْنِيسِ.... وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى كَرَاهَة الْحَدِيث بَعْدهَا إِلَّا مَا كَانَ فِي خَيْر كَمَا ذَكَرْنَاهُ.. اهـ.
والسهر على رؤية التلفاز في الغالب لا خير فيه، لما يُعرض فيه من المحرمات، اللهم إلا إذا شاهد ما فيه فائدة كمحاضرات دينية ودروس شرعية ونحوها، فلا يقال بكراهة السهر على رؤية هذا ما لم يؤد إلى فوات الفجر، وقوله إن ما يفعله من العبادات كاف لدخول الجنة... فهذا لا يقوله إلا مغتر بعمله وجاهل بحق الله تعالى عليه, وما أدراه أن الله تعالى قبل منه تلك الطاعات وأنه سيدخله بها الجنة؟!! والمؤمن مع عمله بالطاعات فإنه يبقى خائفا أن لا تقبل منه لقصور حصل منه فيها، وقد روى الترمذي عن عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ـ قَالَتْ عَائِشَةُ: أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ.
ولتكن نصيحتك له ـ كما ذكرنا ـ برفق ولين، وفي حال الخلوة، فإن النصيحة المزينة بهذا أولى للقبول, وإذا علمت أن والدك لا يقبل منك النصيحة إن خاطبته مباشرة فاكتب له النصيحة لعله يقرؤها ويستفيد منها، ويمكنك الاستعانة في نصحه بمن وجدت من أهل الفضل، ونسأل الله لنا وله الهداية.
والله أعلم.