الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحل للغني القادر على السداد أن يماطل في أداء ما عليه من حقوق الناس، فإن هذا من الظلم، وفي الحديث: مطل الغني ظلم. رواه مسلم.
والمطل منع قضاء ما استحق أداؤه، كما قال النووي، وملا علي القاري، وزاد القرطبي قيدا، فقال: عدم قضاء ما استحق أداؤه مع التمكن منه.
ونصَّ العلماء على أن الغني إذا تكررت منه المماطلة، فإنه يفسق وترد شهادته، وعن عَمْرِو بن الشَّرِيدِ عن أبيه عن رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: لَيُّ الْوَاجِدِ، يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ. علقه البخاري، ورواه موصولاً أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وحسن إسناده الحافظ ابن حجر في فتح الباري.
قال المناوي في شرح هذا الحديث: يحل عرضه ـ بأن يقول له الدائن: أنت ظالم، أنت مماطل ونحوه مما ليس بقذف ولا فحش، وعقوبته بأن يعزره القاضي على الأداء بنحو ضرب أو حبس حتى يؤدي.
وعليه، فإن ثبتت مماطلة صاحبك حقا، وأنه قادر على سداد مستحقات الإيجار وغيرها، لكنه يسوّف ويمتنع من ذلك فليس لك سوى التظلم منه إلى القضاء الشرعي لإلزامه بأداء ما استحق عليه، وإن شئت عدم تجديد العقد له ومطالبته بإخلاء السكن فلك ذلك، وإن شئت تجديدالعقد له والاكتفاء بالتظلم من مماطلته في أداء ما سبق فلا حرج، لكن من له حق التضييق على الظالم وعقوبته هو القضاء الشرعي وليس لآحاد الناس، كما أن النظام يمنع ما ذكرت من قطع الكهرباء والماء، وقد يتعدى ضرر ذلك إلى أهل المستأجر، ويُلحق ضررا أكبر من الضرر المراد إزالته، قال السيوطي في الأشباه والنظائر في القواعد الفقهية: الثالثة: الضرر لا يزال بالضرر ـ قال ابن السبكي: وهو كعائد يعود على قولهم: الضرر يزال ، ولكن لا بضررـ فشأنهما شأن الأخص مع الأعم، بل هما سواء، لأنه لو أزيل بالضرر لما صدق: الضرر يزال.
والله أعلم.