الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأجير الخاص هو: من قدرّ نفعه بالزمن، لاختصاص المستأجر بمنفعته في مدة الإجارة، لا يشاركه فيها غيره. كما قال البهوتي في كشاف القناع.
وفي المجموع للنووي: والأجير على ضربين: خاص، ومشترك، فالخاص هو الذي يقع العقد عليه في مدة معلومة، يستحق المستأجر نفعه في جميعها، كرجل استؤجر لخدمة، أو عمل في بناء، أو خياطة، أو رعاية يوما، أو شهرا؛ سمي خاصا لاختصاص المستأجر بنفعه في تلك المدة دون سائر الناس... اهـ.
وعليه؛ فالأجير الخاص لا يجوز له أن يعمل لغير مستأجره إلا بإذنه، ولا لنفسه إلا ما أذن له فيه نصا أو عرفا.
جاء في الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي: ويستثنى من الزمن المستأجر عليه ....... وكذلك أوقات الطعام المعتادة لدى الأجراء، والمستأجرين. اهـ.
وأما الخروج لشراء الطعام: فقد فصل فيه الشافعية تفصيلًا لخصه في تحفة المحتاج بقوله: وهل زمن شراء ما يحتاجه لأكله كذلك؟ أي يخرج له - فيه نظر، ويتجه أنه إن أمكن إعداده قبل العمل، أو إنابة من يشتريه له تبرعًا، لم يغتفر له زمنه، ولا نظر للمنة في الثانية؛ لقولهم: إن الإنسان يستنكف من الاستعانة بمال الغير لا ببدنه, وإلا اغتفر له بأقل ما يمكن أيضًا. اهـ.
فإن عمل الأجير الخاص لغير مستأجره، بغير إذنه، وأضر به، فقيل يؤخذ منه قيمة ما أضر بالمستأجر، وقيل يؤخذ منه الأجرة التي أخذها من الغير.
قال البهوتي في كشاف القناع: (وليس له) أي الأجير الخاص (أن يعمل لغيره) أي غير مستأجره؛ لأنه يفوت عليه ما استحقه بالعقد. (فإن عمل) الأجير الخاص لغير مستأجره (وأضر بالمستأجر فله) أي المستأجر (قيمة ما فوته) من منفعته (عليه) بعمله لغيره. قال أحمد في رجل استأجر أجيرا على أن يحتطب له على حمارين كل يوم، فكان الرجل ينقل عليهما وعلى حمير لرجل آخر، ويأخذ منه الأجرة، فإن كان يدخل عليه ضرر يرجع عليه بالقيمة. قال في المغني: فظاهر هذا أن المستأجر يرجع على الأجير بقيمة ما استضر باشتغاله عن عمله. قال: ويحتمل أنه أراد أنه يرجع عليه بقيمة ما عمله لغيره. وقال القاضي: معناه يرجع بالأجر الذي أخذه من الآخر؛ لأن منافعه في هذه المدة مملوكة لغيره، فما حصل في مقابلتها يكون للذي استأجره. انتهى. وعلم منه أنه إذا لم يستضر لا يرجع بشيء؛ لأنه اكتراه لعمل، فوفاه على التمام. اهـ.
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم :147135.
وأما الهدية، فإن الأجير الخاص لا يجوز له قبول الهدية التي لأجل عمله، دون إذن ممن هو مخول بالإذن في ذلك؛ لأن هذا من هدايا العمال المنهي عنها، كما بيناه في الفتوى رقم: 133132 .
والله أعلم.