الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجملة: "تؤزهم.." في محل نصب؛ حال من الشياطين؛ أي: حال كون تلك الشياطين تؤزهم أزًّا، ويمكن أن يقال: في محل رفع على الاستئناف إجابة لسؤال مقدر: ماذا تفعل بهم الشياطين؟ فيقال: تؤزهم أزًّا..
وهذان الإعرابان ذكرهما أهل التفسير، وعلى الأول أكثرهم؛ جاء في روح البيان لإسماعيل حقي الحنفي: أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ" .. حال كون تلك الشياطين تَؤُزُّهُمْ أَزًّا أي تغريهم. وجاء في البحر المديد في تفسير القرآن المجيد: ... وجملة (تَؤُزُّهُمْ): حال مقدرة من الشياطين، أو استئناف وقع جوابًا عن صدر الكلام، كأنه قيل: ماذا تفعل بهم الشياطين؟ قال: (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا). اهـ.
وقد أفادتنا أو صورت لنا كلمة "تؤزهم" -التي هي فعل مضارع مؤكد بالمصدر- ما عليه الكفار من اضطراب وتناقض في العقيدة والتفكير، وهي استعارة من أزيز المرجل إذا اشتد غليانه، قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: شَبَّهَ اضْطِرَابَ اعْتِقَادِهِمْ، وَتَنَاقُضَ أَقْوَالِهِمْ، وَاخْتِلَاقَ أَكَاذِيبِهِمْ بِالْغَلَيَانِ فِي صُعُودٍ وَانْخِفَاضٍ، وَفَرْقَعَةٍ وَسُكُونٍ، فَهُوَ اسْتِعَارَةٌ، فتأكيده بالمصدر ترشيح. اهـ.
والله أعلم.