الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهناك مخالفتان صريحتان في تعاملات الفرع الذي وصفه السائل بأنه إسلامي:
الأولى: القروض الربوية التي قال عنها: (قروض متناهية الصغر، وهي عبارة عن قرض ربوي بإعطاء العميل مبلغا بفائدة محددة ... ) فإنه لا عبرة بصغر العائد الربوي في الحكم بالحرمة.
والثانية: التعامل الربوي الصريح بين هذا الفرع وبين البنك المركزي، وذلك في عملية إيداع الزائد من أموال الودائع، وكذلك الاقتراض منه حال العجز في السيولة، بفائدة ربوية!
وهناك أمور أخرى مشكلة، ولكن ليست بهذه الصراحة والوضوح في الحرمة، كتحديد البنك المركزي سقفا معينا لأرباح الودائع، وكذلك توفر الضوابط الشرعية في عملية بيع المرابحة. وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 17902، 206356، 139582، 120690.
وما تقدم يجعلنا نستبعد أن يكون هذا الفرع بنكا إسلاميا, وإذا كان الغالب على معاملاته المعاملات المحرمة، فلا يجوز العمل به والحال هذه, فضلا عن العمل في الإدارة العامة للبنك الربوي، فهذا أشد نكارة!
وأما حكم العمل في بنك إسلامي بعض معاملاته غير شرعية، فراجع في جوابه الفتوى رقم: 47194. ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتويين: 102718، 8227.
وأما السؤال الرابع، فجوابه أن العمل في البنوك الربوي لا يبرره السعي لنشر فروع إسلامية، ولاسيما إن كانت على صفة الفرع المذكور في السؤال بما يحتويه من محاذير شرعية، فإن السلامة لا يعدلها شيء، ودرء المفاسد مقدم على جلب المنافع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. متفق عليه.
قال الماوردي ـ كما نقل عنه ابن حجر في (الفتح) ـ تعليقا على هذا الحديث: الكف عن المعاصي ترك، وهو سهل، وعمل الطاعة فعل، وهو يشق، فلذلك لم يبح ارتكاب المعصية ولو مع العذر؛ لأنه ترك، والترك لا يعجز المعذور عنه، وأباح ترك العمل بالعذر؛ لأن العمل قد يعجز المعذور عنه. اهـ.
وأما ما ذكرته بخصوص الأوضاع الاقتصادية المتردية، فإن ذلك يقدر بقدره، فإن العمل في البنك الربوي لا يجوز بحال من الأحوال إلا في حالة الضرورة، بحيث لا يجد المرء ما يسد به رمقه هو وعياله، أو لا يجد سكناً يؤويه.
وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 23001، 124723، 100785.
والله أعلم.