الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأنت وكيل عن الورثة في قبض بقية أقساط المدينين ووضعها في حسابك، حسب الاتفاق، وأي تصرف في أموال الورثة من أقساط المدينين غير القبض والوضع يعتبر مخالفة للأمانة، لأن الوكيل أمين، ويترتب عليه الإثم والضمان فليس بصحيح ما ظننته من كفاية معرفة الداخل والخارج لحساب بيت الورثة، بل لا يجوز لك التصرف بأموالهم أصلا إلا في القبض والوضع وبناء عليه، فأموالهم التي أدخلتها في تجارتك إن وقعت لك خسارة، فالخسارة مضمونة عليك، لأن الخسارة تؤخذ من المبلغ الأساسي، وهو مضمون عليك لتصرفك فيه بغير إذن مالكيه.
وأما الأرباح: فأعدل الأقوال أنها مناصفة بينك وبينهم، وفي الحقيقة هذه من مسائل الخلاف القديمة بين أهل العلم، فمن غلب جهة المال أتبع الربح لمالكه، ومن غلب جهة العمل أتبعه لغاصبه، ومن لم ير لهما حقا فيه جعله صدقة, فهذه ثلاثة أقوال، رابعها أعدلها وهو المناصفة بينهما، وهو قضاء الفاروق الأكبر بشهود الصحابة ـ رضوان الله عنهم ـ ووجهه ماذكره شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: فإن النماء حصل بمال هذا وعمل هذا، فلا يختص أحدهما بالربح ولا تجب عليهم الصدقة بالنماء، فإن الحق لهما لا يعدوهما.اهـ
وبسط المسألة والأقوال والأدلة تجده في الفتاوى التالية أرقامها: 10486، 140587، 188561.
والترجيح في الفتوى رقم: 57000.
ومع اختلاط الأموال والأرباح فعليك أن تتحرى وتراجع الحسابات وتعطيهم من الأرباح حتى تطمئن إلى أنك قد أعطيتهم نصف الأرباح، أو أن تتصالحوا فيما بينكم، واعلم أن هذا النصف من الأرباح تابع لأصله، وهو حساب بيت الورثة فيرد فيه، وأما غضب أخيك لتصرفك بنصيبه بغير إذنه، فهو محق في إنكاره عليك، وعليك التوبة وطلب السماح وهكذا من بقية الورثة إن لم تترتب عليه مفسدة أعظم، وأما رجوعه في الهبة: فلا يجوزعند جمهور الفقهاء، لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه. متفق عليه من حديث ابن عباس.
وانظرالفتاوى التالية أرقامها: 33730، 34673، 37534، 11760.
وعليه، فخلاصة القول أن ما بقي من مال بيت الورثة مما لم يتم صرفه يلزمك حفظه وعدم التصرف فيه بغير ما أذن لك، وما ربحته من استثمارك لذلك المال لك نصفه وترد نصفه لحساب بيت الورثة؛ بناء على الراجح في ذلك، وتجتهد في تقدير ذلك النصف مادمت تجهله حتى تخرج ما يغلب على ظنك براءة ذمتك به، وأما الأخ: فليس له الرجوع عن هبته.
والله أعلم.