الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الآية جزء من آية من سورة النساء، وقد جاءت في سياق حديث القرآن عن الجهاد في سبيل الله، وقتال أعدائه، ويحتمل أن يكون المراد بالشيطان فيها إبليس -عليه لعنة الله-.
قال القرطبي في التفسير: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً) أَيْ مَكْرَهُ، وَمَكْرَ مَنِ اتَّبَعَهُ. وَيُقَالُ: أَرَادَ بِهِ يَوْمَ بَدْرٍ حِينَ قَالَ لِلْمُشْرِكِينَ: لَا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ.. الآية. اهـ.
أو جنس الشيطان؛ لأن الشياطين كلهم أولياء للذين لا يؤمنون.
جاء في التحرير والتنوير: "وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً " قال: وَالْمُرَادُ جِنْسُ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّمَا جُعِلُوا يَدْعُونَ الشَّيْطَانَ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي سَوَّلَ لَهُمْ عِبَادَةَ الْأَصْنَامِ". اهـ.
وكان هنا تفيد الدوام والاستمرار، وهذا كثير في القرآن الكريم، وفي كلام العرب، مثل قوله تعالى: إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً {الإنسان:22}. وقوله تعالى: إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا {المدثر:16}. أي ولم يزل كذلك.
وجاء في معاني القرآن وإعرابه للزجاج:" إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً" فأعْلِمُوا أن هذا الذي حرم عليهم لم يزل منكراً. اهـ.
وهي مؤكدة لمعنى ضعف كيد الشيطان كما قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: وَأَكَّدَ الْجُمْلَةَ بِمُؤَكِّدَيْنِ (إِنَّ) (وَكَانَ) الزَّائِدَةِ الدَّالَّةِ عَلَى تَقَرُّرِ وَصف الضَّعْفِ لِكَيْدِ الشَّيْطَانِ. اهـ.
وعلى ذلك؛ فالمعنى: إن كيد الشيطان منذ كان، كان موصوفا بالضعف، وما زال، ولن يزال ضعيفا، ولكنه مستمر.
والله أعلم.