الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن العبد لا يخلو من ابتلاء في هذه الحياة الدنيا، شعر أم لم يشعر؛ قال تعالى: إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا {الكهف:7}. وقال: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ {الملك:2}، وقال: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا {هود: 7}.
فأخبر سبحانه أنه خلق العالم العلوي، والسفلي، وقدر أجل الخلق. وخلق ما على الأرض للابتلاء والاختبار. وهذا الابتلاء إنما هو ابتلاء صبر العباد وشكرهم في الخير والشر، والسراء والضراء، فالابتلاء من النعم من الغنى، والعافية، والجاه، والقدرة، وتأتي الأسباب أعظم الابتلاءين، والصبر على طاعة الله أشق الصبرين. عدة الصابرين.
والابتلاء بالضراء وإن كان من علامات محبة الله لعبده، إلا أن التلازم بينهما ليس ضروريا. وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 148457
وإذا تقرر هذا، فإن معيار التفاضل بين الناس هو تقوى الله عز وجل، والالتزام بطاعته على كل حال، في السراء والضراء.
وقد سئل الشيخ عبد المحسن العباد: هل عدم مرض الإنسان دليل على أن الله لا يحبه؛ لأن الله إذا أحب العبد ابتلاه؟
فكان الجواب: لا يقال هذا، فالمهم هي الأعمال الصالحة، فإذا كان الإنسان في صحة وعافية، وعلى أعمال صالحة، فهذا هو مناط المحبة، فإن مناط المحبة هو العمل الصالح: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31]. من شرح سنن أبي داود.
وانظر الفتوى رقم: 66282
وأخيرا نوصيك بإدامة محاسبتك لنفسك، والنظر في حق الله عليك، ودوام شكره على نعمه العظيمة.
وراجع بشأن ذلك الفتاوى أرقام: 3226، 73497، 167723، 73736، 120375
والله أعلم.