الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من حق الأخ المذكور أن يمنعكم من تسجيل حقكم بالشهر العقاري ولا من تقسيم العقار لتتصرفوا في حصتكم كما ترغبون، وتجب قسمة العقار بطلب أحد الورثة إن تيسر تقسيمها بلا ضرر حسب الحصص، وإن حصل ضرر بيعت وقسم ثمنها، وينظر في ذلك الفتويان رقم: 35945، ورقم: 170765.
وليس له إكراهكم على خلاف ذلك، ولكم رفع قضيتكم وقضية تهديده إلى المحكمة لتتمكنوا من استيفاء حقكم في التركة ومنعه من إنفاذ تهديده ووضع حد لبغيه، وليس هذا من القطيعة، بل من إحقاق الحق وكفّ الأذى.
وأما الوصية: فلا يصلح الفاجر وصيا على أخيك لو كان قاصرا أو معاقا، ولا الكافر باتفاق أهل العلم، وتنظر شروط الوصي في الفتوى رقم: 130014.
وإذا لم يجعل الوالد وصيا للولد المعاق، فالسلطان يعين الوصي المناسب، لقول النّبيّ صَلَى اللّه عليه وسَلّم: السلطان ولي من لا ولي له.
وعلى أية حال، فإننا نوصيك بالصبر على خالاتك وعماتك وعلى الأخ المذكور وإن آذوك ، فإن الصبر على أذى الرحم لا سيما المحرم من خير الصبر، لما في صحيح مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه: أن رجلاً قال يا رسول الله: إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. والمل والملة: الرماد الحار.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها.
واعلمي أن أذاهم لا يسقط وجوب صلة رحمهم خاصة وأنهم من محارم الأرحام، لكنه يسقط صورة الصلة التي تتسبب في أذيتك كالزيارة وتبقى الصور الأخرى كالسلام وتقديم العون عند الحاجة والتفقد لأحوالهم والدعاء لهم، لأن الضرر يزال فلو وصلت رحمك بما يعتبر صلة عرفا ولو بالسلام والسؤال عنهم والدعاء لهم فقد أديت واجب الصلة وبرئت من وزر القطيعة ـ إن شاء الله ـ قال الحافظ ابن حجر في الفتح: تكون صلة الرحم بالمال وبالعون على الحاجة وبدفع الضر وبطلاقة الوجه وبالدعاء، والمعنى الجامع إيصال ما أمكن من الخير ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة، وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة، فإن كانوا كفارا أو فجارا فمقاطعتهم في الله هي صلتهم بشرط بذل الجهد في وعظهم، ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يعودوا إلى الطريق المثلى.
وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 240067.
والله أعلم.