الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس من شروط صحة التوبة أن تبين لمن حضر المعصية أن هذا الفعل محرم، ولكن الحرص على تعليم الناس الخير وتحذيرهم وترهيبهم من الشر من آكد الأوامر الشرعية، وأما لو اقتدى بك شخص ما في فعل المعصية فيخشي عليك من أن ينالك شيء من الإثم، لما في صحيح مسلم: من سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيئاً.
وفي صحيح البخاري: ليس من نفس تقتل ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها، لأنه أول من سن القتل.
وإذا تبت توبة صادقة فنرجو الله أن يغفر لك ولا يؤاخذك بمعاصي من قلدوك، فقد قال الله تعالى: وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا {النساء:110}.
وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {التوبة:53}.
وفي الحديث القدسي: يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي.. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وقد نص أهل العلم على أن من تاب من ذنب، فإنه تقبل توبته ولا يضره بقاء أثر ذنبه، ومثلوا لذلك بمن نشر بدعة ثم تاب منها، قال صاحب المراقي:
من تاب بعد أن تعاطى السببا * فقد أتى بما عليه وجبا
وإن بقي فساده كمن رجع * عن بث بدعة عليها يتبع.
وراجع الفتوى رقم: 2037.
والله أعلم.