الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يتقبل توبتك، وأن يثبتك عليها، وقد سبق بيان شروط التوبة المقبولة، وعلامات قبولها في الفتوى رقم: 5450.
ونفيدك بأنه لا تلزمك فدية بما نزل بسبب التفكير المجرد، سواء كان منيًا أم مذيًا، وهذا عند جمهور العلماء، جاء في المبسوط للسرخسي - وهو حنفي -: ولو تفكر فأمنى، لا يلزمه شيء.
وفي المجموع للنووي - وهو شافعي -: وأما إذا نظر إلى امرأة بشهوة، وكرر النظر حتى أنزل، فلا يفسد حجه، ولا فدية بلا خلاف عندنا ... ودليلنا أنه إنزال من غير مباشرة، فأشبه إذا فكر فأنزل من غير نظر.
وفي الشرح الكبير على المقنع - وهو حنبلي -: فإن فكر فأنزل فلا شيء عليه، وحكى أبو حفص البرمكي، وابن عقيل أن حكمه حكم تكرار النظر إذا اقترن به الإنزال في إفساد الصوم) فيحتمل أن يجب به ها هنا دم قياسًا عليه، ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "عفي لأمتي عن الخطأ، والنسيان، وما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل، أو تتكلم" متفق عليه، ولأنه لا نص فيه، ولا إجماع، ولا يصح قياسه على تكرار النظر؛ لأنه دونه في استدعاء الشهوة، وإفضائه إلى الإنزال، ويخالفه في التحريم إذا تعلق بأجنبية، أو الكراهة إن كان في زوجته فيبقى على الأصل.
وأما المالكية: فذهبوا إلى فساد حج من أدام الفكر حتى أمنى، وأما إن نزل بمجرد الفكر دون إدامة ففيه وفي المذي هدي، جاء في الثمر الداني: وأما النظر، والفكر: فلا يحصل فساد بخروج المني بسببهما، إلا إذا كان كل منهما للذة، وإدامة، وأما خروجه بمجرد النظر، والفكر، فإنما فيه الهدي فقط، هذه أحكام خروج المني، وأما خروج المذي فموجب للهدي مطلقًا، خرج بعد مداومة النظر، أو الفكر، أو القبلة، أو المباشرة، أم لا.
والراجح قول الجمهور - إن شاء الله - وانظري الفتوى رقم: 190295.
والله أعلم.