الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في دعاء المسلم على أخيه الحرمة؛ لما فيه من الإثم، والتسبب في الإيذاء، لا سيما إذا كان المدعو عليه زوجًا، أو رحمًا لعظم حقهما على الداعي، إلا أن يكون دعاؤه عليه بحق، كالمظلوم يدعو على من ظلمه، فيجوز بشرط ألا يدعو عليه بأكثر مما تستحق مظلمته، فمن دعا على سارق بالهلاك مثلًا فقد ظلمه، وهو ما أوضحناه في الفتوى: 28754، والأولى من ذلك العفو، والصفح، والدعاء له بالهداية، والصلاح، كما فصلناه في الفتوى: 27841، 46898.
وهكذا إذا ظلمت المرأة زوجها حقًّا يستوجب غضب الملائكة، أو لعنتها، جاز له الدعاء عليها بأن تغضب منها الملائكة، فإن لم تستحقه لم يجز الدعاء عليها بذلك؛ لما فيه من الظلم والاعتداء؛ ولذلك لا يستجاب مثل هذا الدعاء؛ لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ. رواه مسلم.
قال الشيخ ملا علي القاري في المرقاة في بيان ما يدخل تحت الإثم: وَمِنْهُ الدُّعَاءُ عَلَى مَنْ لَمْ يَظْلِمْهُ مُطْلَقًا، أَوْ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ بِأَزْيَدَ مِمَّا ظَلَمَهُ.
والله أعلم.