الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذان الوالدان على ما ذكرت فعلا، فهما كافران كفرا مخرجا من ملة الإسلام، فكره كتاب الله، وكره رسول الإسلام وسبه كفر؛ قال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ {محمد:9}. وقال سبحانه: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ، لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ {التوبة65 :66}.
وقد أجمع أهل العلم على كفر من سب الرسول صلى الله عليه وسلم، نقل الإجماع إسحاق بن راهويه ومحمد بن سحنون، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 1845، والفتوى رقم: 44469. والسحر، والاستعانة بالجن، فيه كفر بالله تعالى، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 57659.
فالواجب نصح هذين الوالدين، وبيان الحق لهما بالحكمة، والموعظة الحسنة، ومن منطلق الشفقة عليهما، والأولى أن تسلطي عليهما بعض العلماء الفضلاء، ليبينا الحق لهما أتم البيان، عسى الله أن يلهمهما رشدهما، ويردهما إلى جادة الصواب، فيزول الإشكال من أصله.
وإن استمرا على ما هما عليه، فهما مرتدان.
ويجب عليك الحذر من أي قول أو فعل يصدر منك بحضرتهما يستفزهما، ويدفعهما إلى سب الدين، أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم.
وبخصوص مساكنتهما راجعي الفتوى رقم: 150797. والواجب عليك الإنكار على من وقع منهما في الكفر بما تقدرين عليه، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. أخرجه مسلم.
ويتعين عليك مفارقتهما وعدم الجلوس معهما حال وقوعهما في الكفر، أو أي منكر دونه؛ وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 182039.
وإذا كانا في الكلام عن موضوع آخر مباح، فلا حرج في الجلوس معهما، فإنهما قد خاضا في حديث غيره، فجازت مجالستهما.
قال السعدي: حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ {النساء:140}، أي: غير الكفر بآيات الله، والاستهزاء بها. اهـ.
وننبه إلى وجوب مصاحبتهما بالمعروف، والإحسان إليهما مع كفرهما؛ لأن هذا ما جاء به الشرع الحكيم؛ وراجعي الفتوى رقم: 11550.
كما ننبه إلى أن من أفضل ما يساعدك على الخروج من هذه المحنة: أمر الزواج، فينبغي أن تسعي فيه، وتستعيني بالصالحات من قريباتك أو صديقاتك، فلا حرج على المرأة في أن تبحث عن الزوج الصالح، أو أن تعرض نفسها على من ترغب في زواجه منها كما بينا في الفتوى رقم: 18430.
وننبه أيضا إلى أن المحرم يشترط في السفر لا في الإقامة، ولا يجوز لك على كل الخروج من بيت أبويك إلى مكان يمكن أن تتعرضي فيه للخطر والضرر.
والله أعلم.