الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمجرد قولك لزوجتك: "اذهبي واخلعي نفسك" لا يحصل به الخلع؛ لأنه يفتقر إلى الإيجاب والقبول.
قال البهوتي -رحمه الله- : (وَتُعْتَبِرُ الصِّيغَةُ مِنْهُمَا) أَيْ الْمُتَخَالِعَيْنِ (فِي ذَلِكَ كُلِّهِ) أَيْ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صُوَرِ الْخُلْعِ (فَيَقُولُ: خَلَعْتُكِ، أَوْ فَسَخْتُ نِكَاحَكِ عَلَى كَذَا، أَوْ فَادَيْتُكِ عَلَى كَذَا، فَتَقُولُ) هِيَ (قَبِلْتُ، أَوْ رَضِيتُ) وَنَحْوِهِ (أَوْ تَسْأَلُهُ هِيَ فَتَقُولُ: اخْلَعْنِي، أَوْ طَلِّقْنِي عَلَى كَذَا، فَيَقُول: خَلَعْتُكِ وَنَحْوِهِ) مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَاتِ (أَوْ يَقُولُ الْأَجْنَبِيُّ: اخْلَعْهَا، أَوْ طَلِّقْهَا عَلَى أَلْفٍ وَنَحْوِهِ فَيُجِيبُ. كشاف القناع عن متن الإقناع.
فإن كان حصل بينكما إيجاب وقبول للخلع على عوض، أو حكم به القاضي الشرعي، فقد بانت منك زوجتك، ولا تملك رجعتها إلا أن تعقد عليها عقداً جديداً.
أما إذا لم تكن زوجتك أجابتك بصريح الخلع، أو كنايته، ولم يحكم به القاضي الشرعي، فهي في عصمتك، والواجب عليك أن تعاشرها بالمعروف، فتنفق عليها، وتوفر لها مسكناً مناسباً، وتعفّها على قدر طاقتك، وحاجتها، ولا ريب أنّ الرجل مسؤول عن زوجته؛ قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ {النساء:34}.
قال السعدي: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه، وكفهن عن المفاسد،.. تفسير السعدي. وعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ........ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْؤؤولٌ عَنْهُمْ..." متفق عليه.
وأما المبيت عندها، فقد اختلف العلماء في وجوبه وقدره، فذهب بعضهم إلى عدم وجوبه، وبعضهم إلى وجوبه ليلة من كل أربع ليال.
قال ابن قدامة: إذا كانت له امرأة، لزمه المبيت عندها ليلة من كل أربع ليال، ما لم يكن عذر. المغني.
واختار بعضهم عدم تحديد المدة وتركها للاجتهاد.
قال المرداوي: وقال القاضي، وابن عقيل: يلزمه من البيتوتة ما يزول معه ضرر الوحشة، ويحصل منه الأنس المقصود بالزوجية بلا توقيت، فيجتهد الحاكم، قلت: وهو الصواب. الإنصاف.
وإذا رضيت المرأة بإسقاط حقها من النفقة، أو السكنى، أو المبيت فلا مانع من ذلك، ولا حرج عليك حينئذ.
والله أعلم.