الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فأما فريضة الزكاة: فلا يجوز للجمعيات الخيرية أن تأخذ منها، إلا إذا كانت معينة من قبل ولي الأمر، كما فصلناه في الفتوى رقم: 240700, وكذا الصدقات المفروضة، كالكفارات، وصدقة الفطر لا يجوز لها أن تأخذ منها؛ لأنها ليست من أهلها.
ومثلها صدقات التطوع التي يَتطوع بها أصحابُها لعلاج المرضى، أو تزويج المحتاجين لا يجوز لها أن تأخذ منها شيئًا؛ لأن مصرف هذه الأموال هو ما يحدده المتبرعون.
ويجوز لها أن تأخذ من صدقة التطوع التي يُتطوعُ بها للجمعية نفسها لتسيير أمورها, أو صدقات التطوع العامة التي أذن المتبرعون للجمعية أن تقتطع منها جزءًا, فتأخذ ذلك القدر المأذون لها فيه.
وأما إذا لم يأذنوا، فلا يجوز لها أن تقتطع شيئًا منها, وقد سئل الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - عن جمعية خيرية يدفع لها المتبرعون لبناء مساجد، وإقامة مشاريع، فهل لها أن تخصم عشرة في المائة من المبلغ المدفوع لأجل تكلفة القيام بالمشروع، فقال: لا بد أن يكون المتبرع عنده علم بأن هذا الصندوق الخيري يلحقه تبعات، تخصم من أصل ما في الصندوق، لا بد من هذا؛ لأن كثيرًا من الناس يظن أن جميع ما بذله يصرف إلى المستحقين، وهنا لو تجعلون لافتة مثلًا عند باب مدخل البيت يكتب فيه بيانات الصرف، يصرف مثلًا عشرة من مائة للعاملين في الصندوق، والباقي في طرق الخير. اهــ
وإذا كان مثل هذه الصدقات لا تكفيها: فهذا لا يبيح لها أن تأخذ ما لا يجوز لها من أموال المتصدقين, فإذا لم تجد مصدرًا مشروعًا لتمويلها فلتغلق، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها, وقد قال الشيخ ابن عثيمين في مثل هذا النوع من الجمعيات التي تعتمد على التبرعات التي تدفع: الجمعية تبين لي من كلامك أنها ضعيفة، وأن اعتمادها الأصلي على الزكوات، إذن تترك المجال لغيرها. اهــ.
والله تعالى أعلم.